تتبارى وكالات الأنباء الأجنبية في نقل مبادرات خيرة وإنسانية من بلدان في شرق وغرب المعمورة، وترددها وسائل إعلامنا المحلية مثل خبر ذلك الذي وضع بضاعته في محله الكبير وكتب عليها « متاحة مجاناً لمن لا يستطيع دفع ثمنها» أو الذي يضع البطاطين للمشردين على قارعة الطرق في المدن الكبرى، أو عن صاحب مقهى في عاصمة الموضة الإيطالية ميلانو يخفض ثمن قهوته للزبون المهذب ويرفعه على المتعجرف غير المبتسم عديم الذوق في التعامل مع الآخرين.
في مناطق مجهولة من عالمنا العربي مبادرات من أراض فقيرة، لكنها غنية بأهلها الذين تحسبهم «أغنياء من التعفف» وتزخر بمواقف ومشاهد لأفعال خيرة لا يسمع أو يعرف بها أحد، فقط لأن وكالات الأنباء لم تصل إليها أو تقف عليها، مكتفية بنقل أخبار القتل والدمار والأمراض والأوبئة.
شاهدت مؤخراً مقطعاً مصوراً من جزيرة سقطرى، هذه الجزيرة الساحرة الجميلة المستلقية في هدوء وعزلة بالمحيط الهندي جنوب سواحل شبه الجزيرة العربية وقبالة القرن الأفريقي، جزيرة حاضرة في وجدان أبناء الخليج وتاريخهم البحري، فقد كانت محطة توقف مهمة في رحلاتهم خلال تلك الأزمنة الغابرة من وإلى بنادر شرق أفريقيا وزنجبار وبمبا.
في ذلك المقطع المصور نقل لنا الأخ هاني الزبيدي الرئيس التنفيذي لمؤسسة «تحقيق أمنية» الإماراتية قصة مطعم صغير في تلك الجزيرة التي يعاني سكانها العزلة وتفشي الفقر، وقد وضع المطعم لوحة تقول «أخي العزيز، إذا كنت لا تملك المال، لا تخجل أن تطلب ما يسد جوعك مجاناً، فهذا حقك، وهذا واجبنا، فالله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه». وكانت المفاجأة لصاحب المقطع عندما عرف بأن أعداد المقبلين على العرض لا يزيدون عن أصابع اليد الواحدة في الشهر بجزيرة-كما قلت- تعاني الحرمان في الخدمات، وشرائح واسعة من سكانها تحت خط الفقر، ولكنه «التعفف».
مؤسسة «تحقيق أمنية» لها والإمارات بصمات خيرة في أماكن عدة، ولكن في سقطرى، أيادي الخير شملت مجالات ومناطق عدة فيها، وبالذات المشاريع التنموية والإغاثية، ويكفي أن أول مستشفى عصري حديث متكامل الخدمات يقام هناك يحمل اسم قائد مسيرة الخير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وحفظ الإمارات منارة للخير والعطاء.
المصدر: الاتحاد