«أريد الصلاة في القدس وتذوق برتقال يافا» مستحضراً صلاح الدين الأيوبي في خاتمة الأمير في مواجهة الجنرال، تلك كلمات لا تنساها بروكسل في تلك اللحظة النادرة، التي جمعت المدير السابق للاستخبارات العسكرية السعودية الأمير تركي الفيصل برئيس سابق أيضاً للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية هو عاموس يدلين.
مواجهة أولى
مواجهة هي الأولى من نوعها، وهي مواجهة لم تمنع الأمير السعودي من البوح بمكنونات صدره، علناً متخطياً أي غضب قد يستجد على الجنرال الإسرائيلي في هذه المناظرة، غامزاً من قناة الاحتلال وانه سيغادر في نهاية المطاف. إذ يستذكر الأمير في خاتمته القدس، التي حررها صلاح الدين الأيوبي، فيقول: لدي طموح شخصي لإحلال السلام، وهو تنفيذ حلم والدي الأخير بالصلاة مجدداً في القدس، القبلة الأولى للمسلمين، وهو أمر لا يمكنني فعله الآن، لكنني أحلم بالسفر من الرياض إلى القدس والصلاة في المسجد، وزيارة أضرحة الأنبياء مثل إبراهيم وموسى، وهما من الأنبياء الذين ذكرهم القرآن، ورؤية الأماكن التي حررها صلاح الدين من الصليبيين.
قضايا اقليمية
مناظرة العاصمة البلجيكية بين الأمير والجنرال تناولت عدة قضايا ترتبط بالأوضاع الإقليمية وأمن الشرق الأوسط والملف النووي الإيراني، والمناظرة التي بثها مركز «جيرمن مارشال فند أوف يونايتد ستايتس» هي الأولى من نوعها مباشرة، والأمير لم تستدرجه عروض الجنرال بزيارة الكنيست إذ رفض عرض الجنرال قائلاً «العواطف لا تفيد في بحث عملية السلام وإسرائيل هي التي ترفض السير في خيارات السلام وتساءل، لدينا اليوم مبادرة سلام للمرة الأولى.. فلماذا لا تقبل إسرائيل التفاوض مع لبنان مثلاً أو حل قضايا اللاجئين والقدس وسواها» والسؤال لم يتركه الجنرال من دون اجابة.
رداً على الأمير قال عاموس إن معظم الإسرائيليين لا يعرفون بنود مبادرة السلام السعودية، وتوجه إلى الأمير بالقول: «أعرض عليك القدوم إلى القدس والصلاة في المسجد الأقصى والتحدث من الكنيست إلى الإسرائيليين الذين لا يعرفون بغالبيتهم المبادرة العربية».
العرض أثار حفيظة الأمير تركي الذي رد بالقول: «لا يمكن أن أفكر بهذا العرض والجنرال يعرف ذلك، وأظن أن من المهم التفاوض بجدية، وليس استخدام العواطف من أجل تحويل الانتباه عن القضايا المهمة وهي السلام، أما استخدام الدعوة لتصويري وكأني حجر عثرة فهذا مبالغ فيه.. الأمر منوط بالقيادة الإسرائيلية التي عليها إعلام شعبها بأهمية السلام».
زاد موبخاً : «القيادة الإسرائيلية كانت تقول لشعبها إنها لا تريد سوى أن يجلس العرب معها للسلام، ولكن اليوم ترفض تلك المبادرة مع أنه ما من خطر عليها أمنياً لأنها تمتلك قنابل نووية – ربما ساهم الجنرال بنفسه في بنائها.
أما دعوتي إلى الكنيست للتحدث قبل أن يشرح قادة إسرائيل لشعبهم أهمية السلام فهو يشبه القول بأن البيضة تسبق الدجاجة».
منطقة بلا نووي
وحول السلاح النووي في الشرق الأوسط، قال الأمير تركي الفيصل إن السعودية كانت تتمسك على الدوام في الجامعة العربية بالدعوة إلى منطقة خالية من سلاح الدمار الشامل بالشرق الأوسط، وتوجه إلى الجنرال الإسرائيلي بالقول: «إسرائيل لديها هذه السلاح النووي وهذا أمر معروف».
سوريا لم تغب عن المناظرة، فقال الأمير، إن الوضع فيها يشبه «الجرح الذي يحتاج إلى تنظيف»، مقترحاً إجراء عملية التنظيف تلك من خلال «تسليح المعارضة»، على أن يتدخل المجتمع الدولي في وقت لاحق ويدعم المعارضة لإعادة بناء الدولة والمساعدة على عدم وقوع السلاح بيد جماعات متطرفة تستغله لضرب الغرب كما جرى في أفغانستان بعد الحرب مع السوفييت.
ورداً على أسئلة الحضور، قال الأمير تركي، رداً على سؤال حول حظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في المملكة إن القرار «لم يتخذ عشوائياً أو لمجرد الرغبة بالظهور بمظهر الداعم للحكومة المصرية» وإنما «بعد مراقبة ودراسة مستفيضة لنشاط الجماعة في المملكة، وليس خارجها فحسب».
انتهت المناظرة بين الأمير والجنرال، وبقيت بروكسل شاهدة على حلم أمير عربي بزيارة القدس، وعلى جنرال إسرائيلي لا يريد من العرب سوى زيارة الكنيست.
المصدر: بروكسل – الوكالات – البيان