كاتب سعودي
أرجو أن يرفع رقيب «عكاظ» سقفه هذه المرة (و«عكاظ» فعلاً سقفها رفيع)، ليتماهى قليلاً مع ما يحدث من تعبير فائض أحيانا في الوسائط الحديثة، وأخص «تويتر» بالذكر، لأنه ساحتنا المفضلة نحن السعوديين، وهكذا فإنني سأقول إن هناك بعضا ممن ابتلي بتناول بعض السوائل التي «تكحل» بعض لياليه، وإن هؤلاء البعض على تنوع في الأثر اللحظي الذي يتركه هذا المسكوب على عقل وسلوك ولسان شاربه، فمنهم من تغلبه النشوة ومنهم من يغلبها بفعل الخبرة ومنهم من تجعله شجاعا أو بالأصح متهوراً، فيقول ما لا يجب أن يقال وقد توسوس له نفسه فيتزيد ويكذب، ومنهم من تغلبه العاطفة فينطوي على نفسه ويحزن، وهناك حالات تراوح في الزيادة أو النقصان بين الشجاعة والوداعة، لكن ما يعنيني في هذا المقال هو أن مساحة التعبير التي يرتفع هامشها عند المتعاطي لم تكن سابقاً تتعدى المجلس أو الاستراحة، وحتى لو قدر لأحد كتاب المقالات الصحافية أن يتجاوز المحظور، فإن رقيب الجريدة يحول بينه وبين التجاوز، وما كان يحمد للكاتب في الجريدة من ستر لبعض المعبرين – قبل تويتر – فإن الفضل فيه يعود للرقابة المسبقة، لكن مساحة التعبير في «تويتر» مختلفة عن الصحف، فهي آنية ومباشرة وبلا حدود ولا رقيب، ومن هنا يتورط بعض مع تخامرهم النشوة فيقعوا في الكلام الممنوع، والذي يتعدى سقف التعبير فيدخل دوائر العيب والغلط ويخرق ناموس الأعراف والتقاليد أو المسلمات الدينية ثم ستجده يتدارك لاحقا بعد أن تفك وتنقشع الغمة، فيقوم بالشرح والتوضيح ويتحجج ويعتذر.
طيب ما هو الحل لمثل هذا الطارئ الجديد وهذه النافذة التعبيرية التي تعريك أمام الناس، فهي إما أن تعليك أو تدنيك وماذا عليك أن تفعل لو خامرتك النشوة وأنت في «تويتر» ثم أدركت أنك انزلقت في التعبير؟ في هذه الحالة فإن الأفضل هو أن تبادر إلى الحذف فوراً ولا تتردد، والأسلم هو أن يكون الجوال بعيدا عن متناول اليد وأن يتلهى أخونا «السهران» بمشاهدة التلفزيون أو قراءة كتاب، لكن لو وجد أنه لا يستغني عن الجوال فالأفضل أن يخبر أحد أصدقائه المقربين بنيته وعزمه على أن يكون «خارج التغطية» لفترة مؤقتة، وأن يطلب منه أن يتولى تنبيهه ولفت نظره لأي تجاوز تويتري.
أخيرا فإن الأهم من كل ذلك هو أن تدع هذه «البسطات»، وأن تهجر هذه السوائل وأن تطرد من رأسك كل الأفكار البالية والخاملة، والتي تنشط كلما سقيتها من «عرق» جبينك.
المصدر: عكاظ