ما زالت تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في أوجها، حيث أظهر استفتاء الانفكاك عن القارة العجوز مشكلات كامنة على الساحة الدولية والمجتمعية، فقد خلقت النتيجة شرخاً بين الأجيال في بريطانيا، كما غذت النزعة الانفصالية داخل المملكة المتحدة وخارجها حتى وصلت ارتداداتها إلى تكساس الأمريكية التي طالبت بالانفصال عن الولايات المتحدة. وفيما وقع أكثر من مليوني بريطاني عريضة تطالب بإعادة الاستفتاء وسط تظاهرات مطالبة بالاعادة، أعلنت رئيسة وزراء إسكتلندا نيكولا ستورجيون استعداد بلادها لإجراء استفتاء ثان للاستقلال عن بريطانيا، وطالبت ببدء محادثات فورية مع بروكسل لحماية «مكانة إسكتلندا» في الاتحاد، وفي لندن وقع ما يقارب 160 ألفاً عريضة تطالب بالاستقلال. كما تواجه المملكة المتحدة التطلعات إلى استقلال إسكتلندا وأيرلندا الشمالية اللتين يؤيد ناخبوهما الاتحاد ويرون أنهم على وشك أن يتم إخراجهم عنوة من هذه الكتلة.
ولاحتواء الأزمة أجمع وزراء خارجية الدول الست المؤسسة للاتحاد الأوروبي على ضرورة أن تعمل بريطانيا «في أسرع وقت» بإجراءات الانسحاب، في حين طالبت باريس برئيس وزراء بريطاني جديد خلال «بضعة أيام»، فيما عين الاتحاد الأوروبي الدبلوماسي البلجيكي ديدييه سيوز رئيساً لمجموعة «بريكسيت تاسك فورس» المكلفة التفاوض حول آلية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد. وأعلن المفوض الأوروبي للخدمات المالية البريطاني جوناثان هيل استقالته من هذا المنصب معبراً عن «خيبة أمله الكبيرة» حيال قرار مواطنيه مغادرة الاتحاد.
وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر إن على بريطانيا النظر في شكل العلاقات التي تريدها مع الاتحاد الأوروبي، لكن لن يكون بمقدورها أن تختار وتنتقي كل ما هو في صالحها.
وشكل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فاتح شهية لحركات الانفصال المنتشرة في العالم، إضافة إلى داخل المملكة المتحدة التي أصبحت مهددة بالتفكك أكثر من أي وقت مضى. وبعد أن شجعهم قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي حرص الانفصاليون في ولاية تكساس بالولايات المتحدة على تبني الأساليب التي اعتمدت عليها حملة مؤيدي الخروج لإقناع البريطانيين للتصويت لصالحها ويطالبون باستقلال ولايتهم عن البلاد.
أما بريطانيا، فتعيش انقساما اكثر من أي وقت مضى بعد صدمة الخروج من الاتحاد.
وأعطى تأييد بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في استفتاء، زخماً للأحزاب الشعبية المشككة في الاتحاد الأوروبي في أنحاء القارة؛ لتتجدد دعواتهم بالرحيل عن التكتل أو عن منطقة اليورو.
المصدر: الخليج