رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
شعوب الشرق الأوسط سئمت الصراع، وهي جميعها تحلم بمستقبل يحمل لها السلام والاستقرار والتنمية والتطور العلمي، ولا يعارض ذلك إلا من يقتات ويزدهر على الصراع والفوضى وعدم الاستقرار، والمنتفعون بشكل مباشر على حساب الشعوب. هؤلاء فقط هم أشد منتقدي ومهاجمي اتفاق السلام التاريخي، الذي وقعته الإمارات أمس مع إسرائيل، ومهما كانت حدة معارضتهم وهجومهم، فإن ذلك لن يُلغي أبداً بداية الحقبة الجديدة التي أحدثتها الإمارات في منطقة الشرق الأوسط، والقائمة على التفاؤل والتعاون، وبناء مستقبل أفضل لشعوب المنطقة، وأساسها نشر السلام ونبذ العنف والكراهية.
أقبلت دولة الإمارات على هذه المعاهدة لمصلحة شباب المنطقة، فهي تهدف إلى ضمان أكبر فائدة للمنطقة وللشعوب، بعد فشل المقاربات السابقة في تحقيق النتائج المطلوبة، لتأتي المعاهدة ضمن رؤية مستقبلية للمنطقة، فالعالم العربي، ومنطقة الشرق الأوسط، يعيش فيهما أغلبية من الشباب، تسعى إلى تجاوز خلافات الماضي، وتتطلع إلى المستقبل، خصوصاً أن 65% من سكان المنطقة هم دون سن الـ35، ويتطلعون بشغف إلى مستقبل أفضل.
لقد تعبت الشعوب العربية من استمرار الصراع والكراهية، وترغب في العمل المشترك للنهوض بالمنطقة وازدهارها، وهذا لن يتحقق إلا بترسيخ السلام، وضمان الاستقرار.
معاهدة السلام مع إسرائيل ليست موجهة ضد أحد، ولا تسعى إلى إلحاق الضرر بأحد، هي قرار سيادي استراتيجي إماراتي بالدرجة الأولى، تسعى من خلاله إلى تحقيق ثلاث أولويات، عدّدها بوضوح سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية: الأولوية الأولى والأكثر إلحاحاً هي تهدئة التوترات وبدء حوار إقليمي حول السلام والأمن، والأولوية الثانية هي توسيع مجتمع التعايش السلمي، ففي الإمارات نحاول أن نكون قدوة مختلفة، فنحن ملتزمون بمبادئ الإسلام الحقيقية، والوسطية، والاندماج والسلام.
وتتمثل الأولوية الثالثة في بناء محرك قوي للتبادل الاقتصادي والثقافي، يولد الفرص والتفاهم في جميع أنحاء المنطقة.
الإمارات اختارت طريقها، وهي تدرك تماماً أن المستقبل مملوء بالتحديات الصعبة، خصوصاً مع وجود قوى إقليمية لا ترغب في الاستقرار، لكنها تدرك، أيضاً، أن السلام والاستقرار هما الوسيلة الفعالة لمواجهة تحديات المستقبل، ولاشك إطلاقاً في أن معاهدة السلام مع إسرائيل ستساعد على تحقيق هذا الاستقرار.. في المنطقة كلها!
المصدر: الامارات اليوم