كاتب و مدون سعودي
ليس من طبعي أن أنظر إلى لأمور بشكل عاطفي، خصوصا تلك الأمور التي ترتبط بالسياسة والإعلام والمجتمع، فكثير من تلك الأحداث يتم تصميمها وفق تخطيط ممنهج، أو تضليل مبرمج، أو تمويه مقصود، ولذلك لم أكن ممن روج وقارن واحتفل بفوز الباكستانية الشابة ملالا يوسف، والهندي كايلاش ساتيارثي بجائزة نوبل للسلام لهذا العام نظير نضالهما ضد قمع الأطفال والمراهقين، ومن أجل حق الأطفال في التعلم وفق بيان لجنة الجائزة.
إن سألتني قلت لك إن الشابة الباكستانية التي أصبحت “أيقونة” إعلامية بعد نجاتها من حادثة محاولة قتلها من قبل جماعة طالبان في باكستان لانتقادها منع تلك الجماعة المتشددة الطالبات من التعلم، ليست إلا فتاة تتناسب قصتها مع السيناريو المثالي الذي به يمكن أن تخلق “أيقونة” بشرية يمكن لها أن تكون وجها حيا لفكرة سياسية وسفيرة لأجندة تقدمية تدعم أهدافا تتجاوز خدمة المجتمع وتتعدى الصبغة الإنسانية والحقوقية التي يحاول الإعلام إيهامنا بها.
انظر معي كيف أن الجائزة تم منحها لذكر وأنثى، ثم هما كذلك من بلدين يوصفان بالإخوة الأعداء؛ أي باكستان والهند، وهما دولتان نوويتان، كما أن الفائزين يتناقضان بأن أحدهما في مقتبل العمر، بينما الآخر في عمر الشيخوخة، كما أن ملالا الفتاة هي ضحية العنف الطالباني في حين أن الرجل كايلاش هو المناهض السلمي المؤمن بمبادئ الزعيم الهندي غاندي، وأخيرا وليس آخرا: الشابة الطموحة مسلمة والشيخ المكافح هندوسي.
شخصيا، لم أعد مقتنعا بأن جائزة نوبل للسلام لها أي قيمة حيادية أو علمية في منحها لمن يستحقها، فبعدما منحت للرئيس الأميركي أوباما، قبل أن يشغل منصبه الجديد بأشهر معدودة، كان ذلك خير دليل على تسييس هذه الجائزة مهما حاولنا أن نتجاهل ذلك.
ما أضحكني هو تعليقات بعض المتحمسين الذين يستمتعون بإسقاط كل شأن دولي على واقعنا المحلي، فسأل أحدهم: متى يكون لدينا ملالا سعودية، ومتى تعطى المرأة حقها؟ ومتى؟ ومتى؟ ومتى، فقلت في نفسي: وربما أنبتها في ذات الوقت، كيف لنا أن نطالب بملالا سعودية ونحن لم نقدم للعالم حتى الآن نجيب محفوظ السعودي، أو أحمد زويل السعودي، أو محمد يونس السعودي، أين نحن من لعبة السلام الدولي؟ وأين نحن من لعبة التسييس الدولي؟!
المصدر: الوطن أون لاين
http://www.alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=23400