كاتب و روائي سعودي
عندما كانت المطالبة بالقوانين الرادعة لأي فعل خارج عن سياق الحريات الشخصية، أو معتد لها، وعليها، لم يكن يتوقع الكثيرون أن يظهر قانون التحرش لأنه علق في الأدراج لسنوات، ولأن البعض لم يأخذ تطبيق قانون التحرش بشكل جاد. ظل المتحرشون في أماكنهم، أي بقوا في خانة الاستهتار والطيش، ولم يتعظوا بالأحداث التي أكدت أن قانون التحرش دخل إلى حيز الوجود، وأن العقوبة الصارمة ستقع على من يعتدي بسلوكه أو لفظه على أي امرأة كانت.
ومع تعدد القبض على المتحرشين وعدم إعلان ما حدث لهم من عقوبة ظن البعض أن المسألة تنتهي (بحب الخشوم)، وهؤلاء لم يدركوا بعد أن ذلك الزمن قد أصبح من مخلفات الماضي.
وآخر حدث حين أطاحت شرطة منطقة الرياض بالشخص الذي ظهر في مقطع فيديو تداولته مواقع التواصل الاجتماعي من خلال التحرش الجسدي بامرأة داخل مطعم.
ومن تلك الإطاحة تتضح سرعة أجهزة الضبط في أداء دورها وحماية أعراض الناس وإيقاف كل مستهتر ليلقى عقوبة التعويض والحبس معا.
ومع تأكيد الأجهزة الأمنية حرصها على أمن الوطن والمواطن وأنها ستعمل على تنفيذ الأنظمة بكل قوة بحق كل من يخالفها، تصبح الرسالة واضحة للمرة الألف.
وثمة إيضاح لهؤلاء المتحرشين، ففي السابق كانت أجهزة الضبط يمكن أن تقيد التهمة ضمن خانة من خانات الاعتداء التي لا تحمل نصا صريحا على العقوبة، ويمكن التوسط أو التشفع ويتم إطلاق المتحرش، أما الآن فهناك قانون يتعامل مع المتحرشين وفق بنوده الصارمة، التي تشمل السجن والعقوبة المادية. وكان في السابق تغض المرأة الطرف عن المتحرش خشية اللوم أو الحياء، أما الآن فقد اكتسبت المرأة وجودها، وحماية لهذا الوجود أصبحت أكثر جرأة على التقدم بالشكوى، مع مناصرة المجتمع لها اجتماعيا وإعلاميا. وأيضا في السابق لم تكن كاميرا الجوال حاضرة للتدليل على فعل التحرش، أما الآن فيكفي المرأة أن تسلط كاميرا جوالها على المتحرش -حتى وإن لم تظهر- لينتقل مقطع التحرش على طول وعرض البلد، ومع انتشار المقطع تتحرك النيابة والأجهزة الأمنية للقبض على المتحرش حتى وإن لم تكن هناك شكوى!
المصدر: عكاظ