كاتب و روائي سعودي
“نظائر ومفارقات.. استكشافات في الموسيقى والمجتمع”، هذا عنوان كتاب جمع بين اثنين من أوسع الأسماء صيتا وأثرا، وتربطهما صداقة طويلة، أولهما بروفيسور اللغة الإنجليزية والأدب المقارن بجامعة كولمبيا، إدوارد سعيد، ترجمت كتبه إلى ست وثلاثين لغة، منها: الاستشراق، الثقافة والإمبريالية، السلطة والسياسة والثقافة. الطرف الآخر في الكتاب هو دانيال بارنبويم، مدير الشؤون الموسيقية لأوركسترا شيكاغو، ثم لدار الأوبرا الألمانية. أدار الحوار بينهما آرا غوزيليمان. الكتاب صدر في طبعته الأولى من دار الآداب اللبنانية في العام 2005 وقامت بترجمته نائلة حجازي. هذا عمل مليء بالمتعة والمعرفة والآراء والنوافذ على الموسيقى والمجتمع والثقافة. أضع منه هذين المقطعين باختصار:
دانيال: أعتقد أن كل عمل فني عظيم ذو وجهين، الأول موجه نحو زمنه، والآخر نحو الأزلية، بكلمات أخرى هنالك ميزات معينة في سيمفونيات أو أوبرات موتسارت، مرتبطة ارتباطا واضحا بزمانها، وليس هناك ما يجمعها بالحاضر. “حق السيد” الذي يتمتع به “الكونت” في فيغارو محصور تماما بزمانه، لكنّ هنالك أمرا لا زمنيّ في هذه الموسيقى، وهذه الناحية يجب أن تعزف بنوعٍ من الإحساس بالاستكشاف.
إدوارد: لكن لماذا تطلق عليها صفة الخلود أو الخروج عن الزمان! أنت في زمن محدد، لست خارج الزمان، لذلك يمكن تحديثها، هذا ما تريد أن تقوله، نوعا ما.
دانيال: إنها خارج الزمان بمعنى أنها غير محصورة بذلك الزمان، إنها دائمة العصرية، لا ينطبق هذا على كل عمل.
في موضعٍ آخر:
دانيال: عندما يصبح لديك ما تقوله سوف تثير، بالتأكيد، الإعجاب لدى البعض، والرفض لدى البعض الآخر. أعتقد أن معتدل الجودة وحده لا يثير الجدل، وكلمة مثير للجدل أصبحت بمثابة شتيمة في عالمنا اليوم، كما تعلم.. “إنه مثير للجدل..”.
إدوارد: دائما يقولون ذلك عني.
دانيال: حسنا، لو كنت مكانك لاعتبرت ذلك مديحا.
إدوارد: هذا ما أشعره أنا، لكنهم لا يقصدونها كذلك. إنها تعني أن هنالك شخصا يعكّ بشكل أو بآخر الوضع الراهن الذي نحاول الحفاظ عليه بأي ثمن.
دانيال: لكني أعتقد أن أحد أسباب أهمية الإبداع الفني اليوم هو أنه معاكس تماما لمفهوم اللياقة، لعدم إثارة الجدل.
إدوارد: بالطبع، أنا أشعر بذلك، بأنه لا فائدة من كتابة ما يجعل الناس يشعرون بشعور جميل فقط، ولطالما اهتممت ليس بأن أشعر الناس بالراحة بقدر ما أشعرهم بعدم الراحة، هنالك أسئلة محددة يجب طرحها، هنالك مواقف معينة يجب التطرق إليها، في النهاية هنالك كليشيهات معينة يجب التخلص منها.
المصدر: الوطن أون لاين
http://alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=25785