رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
لا اختلاف أبداً على أهمية الضريبة كنظام اقتصادي مفيد ومهم للدولة والمجتمع، ولا شك لدينا حول امتلاك الإمارات رؤية اقتصادية واضحة تعتمد على تنويع الاقتصاد الوطني، وتحقيق التوازن بين قطاعاته، بما يضمن استدامته للأجيال المقبلة، وهي تمضي بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف استراتيجية «الإمارات ما بعد النفط»، بما تشمله من نهج التنويع الاقتصادي الذي تشكل الضريبة جزءاً منه، لتوفير مداخيل ثابتة تساعد الحكومة على إعادة ضخ هذه الأموال في شكل مشاريع خدمية وتنموية واجتماعية وصحية، وتطوير للبنية التحتية يستفيد منها المواطن والمقيم، وتضمن ديمومة واستمرار مسيرة التطور والرخاء.
هذه الإيجابيات مفروغ منها، وهي ليست محط نقاش، ولكن مدى جاهزية القطاعات الاقتصادية المختلفة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة خلال فترة لا تتعدى 35 يوماً، هو ما يحتاج للمناقشة وإعادة التفكير، خصوصاً إذا علمنا أن معظم هذه القطاعات، لاسيما قطاع التجزئة، وهو الذي يشكل عصب هذه الضريبة؛ غير جاهز وغير مستعد، ولا يعرف إلى الآن كيفية تطبيق هذه الضريبة، كما أنه يفتقر حتى الآن إلى نظام آلي واضح ومعروف لتحصيلها وتوريدها!
في دبي وحدها هناك أكثر من 350 ألف شركة، كبيرة ومتوسطة وصغيرة، وعندما نتحدث عن دبي، فإننا نتحدث عن سوق رئيس ضخم ومهم، وهو أحد أكبر أسواق المنطقة، وعدد الشركات يثبت ذلك؛ لذا من الغريب جداً أن نكتشف أن عدد الشركات التي تمتلك معلومات عن كيفية تطبيق الضريبة لا يتجاوز 13 ألف شركة، فيما لا يعرف الباقون كيفية تطبيق الضريبة، وهذه المعلومة ليست استنتاجاً، بل هي موثقة وصادرة عن غرفة تجارة وصناعة دبي.
عدم جاهزية الشركات ليس لأنها لا تريد تطبيق الضريبة، فهي لن تتضرر منها، حيث يقتصر دورها على تحصيلها من المستهلك وتوريدها للحكومة، لكنهم بالفعل ليسوا جاهزين وليسوا على استعداد ولا على دراية بكيفية تطبيقها، لذا من الضروري جداً أن يتفهم المسؤولون عن تطبيق الضريبة في الهيئة الاتحادية للضرائب ذلك، ويعيدوا التفكير في توقيت فرضها، خصوصاً أنه لا يوجد أي مبرر للاستعجال وإرباك الأسواق والمستهلكين، كما أن هذا الارتباك سيؤدي إلى محاولات كثيرة من التجار لاستغلال هذا الوضع المرتبك في زيادة الأسعار وبنسبة ربما تفوق المعلن عنه، وإن حدث ذلك فلن تستطيع الهيئة ولا وزارة الاقتصاد أو الدوائر الاقتصادية السيطرة على الوضع، الأمثلة على ذلك كثيرة وحدثت هذه الاستغلالات مراراً وتكراراً، والضحية هو المستهلك دائماً!
ضريبة القيمة المضافة خطوة كبيرة، وستنتقل الإمارات فيها من نظام لا يعرف الضرائب إلى نظام ضريبي، وهذا الانتقال ليس مؤقتاً لفترة عام أو عامين، إنه انتقال دائم، لذلك فإنه يحتاج إلى تريث وتجهيز واستعداد، فإذا كانت معظم القطاعات المعنية بالتنفيذ ــ إن لم نقل جميعها ــ غير مستعدة، فما المانع من إعطائها الفرصة للاستعداد؟ وإذا كانت بقية دول مجلس التعاون الخليجي لن تطبق الضريبة العام المقبل، فما المانع من الانتظار معهم حتى نكون أكثر جاهزية وحتى لا نفقد صفة التنافسية وهذا أهم؟!
المصدر: الإمارات اليوم