تنطلق في مصر، الأحد، جولة جديدة من المباحثات الهادفة للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحركة حماس، مع مواصلة إسرائيل عملياتها العسكرية المكثفة في القطاع الذي يواجه أزمة إنسانية متعاظمة بعد زهاء خمسة أشهر على اندلاع الحرب.
وأعلنت الولايات المتحدة، السبت، أن إسرائيل وافقت مبدئياً على بنود مقترح جديد للتهدئة، يأمل الوسطاء، أي واشنطن والدوحة والقاهرة، أن يتم الاتفاق بشأنه قبل حلول شهر رمضان في 10 آذار/ مارس أو 11 منه.
في غضون ذلك، تواصل حصيلة الضحايا الارتفاع، مع سقوط عشرات القتلى، ليل السبت الأحد، جراء قصف إسرائيلي طال مختلف أنحاء القطاع، وفق وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، منهم أفراد عائلة واحدة في مدينة رفح. من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي تكثيف عملياته في خان يونس، كبرى مدن جنوب غزة.
ووصل ممثلون للولايات المتحدة وقطر وحماس إلى مصر «لاستئناف جولة جديدة من مفاوضات التهدئة بقطاع غزة»، وفق ما أفادت قناة «القاهرة الإخبارية» الأحد.
وقال مصدر في حماس، إن الاتفاق ممكن في حال «تجاوبت» إسرائيل مع مطالب الحركة، وأوضح: «ستنطلق جولة مفاوضات في القاهرة، وإذا تجاوبت إسرائيل يصبح الطريق ممهداً لاتفاق خلال الأربع والعشرين أو الثماني والأربعين ساعة المقبلة».
وشدد على أن الحركة التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007 تراعي في المفاوضات «المرونة التي تحقق التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، والانسحاب العسكري من القطاع لتمكين شعبنا من الرجوع إلى شمال القطاع»، وضرورة «إدخال ما لا يقل عن 400 إلى 500 شاحنة يومياً من المساعدات الغذائية والدوائية والوقود، بما يضمن تشغيل المستشفيات ومحطات المياه والمخابز».
وأتاحت هدنة لأسبوع في نوفمبر/ تشرين الثاني، الإفراج عن أكثر من مئة رهينة كانوا محتجزين في غزة منذ هجوم حماس في تشرين الأول/ أكتوبر، في مقابل معتقلين فلسطينيين لدى إسرائيل.
وأكد مسؤول أمريكي في تصريحات للصحفيين، السبت، أن إسرائيل وافقت على إطار عام للاتفاق، لكنه شدد على أن «الكرة في ملعب حماس» لإنجازه، ولم تؤكد إسرائيل بعد هذه الموافقة أو ما إذا كانت سترسل وفداً للمشاركة في المباحثات الجديدة في القاهرة.
وأوضح المسؤول الأمريكي «من الممكن أن يبدأ، السبت، وقف لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع في غزة إذا وافقت حماس على إطلاق سراح فئة محددة من الرهائن المعرضين للخطر، المرضى والجرحى وكبار السن والنساء».
مساعدات من الجو
ويواجه سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2,4 مليون شخص ظروفاً إنسانية كارثية، خصوصاً مع تراجع تسليم إمدادات الإغاثة عبر الحدود البرية، في ما تعزوه منظمات الإغاثة إلى القيود الإسرائيلية.
والسبت، أعلنت الولايات المتحدة، أبرز الداعمين لإسرائيل سياسياً وعسكرياً في الحرب، أنّها بدأت إنزال مساعدات جوّاً في غزّة على غرار دول عدة قامت بخطوات كهذه خلال الأيام الماضية.
وجاء بدء عمليّة الإغاثة الأمريكيّة غداة إعلان الرئيس جو بايدن هذه الخطوة، متحدّثاً عن «الحاجة إلى بذل المزيد» لتخفيف الأزمة الإنسانيّة الأليمة.
ورأى مسؤول أمريكي إنّ إنزال المساعدات جوّاً أو احتمال نقلها بحراً في المستقبل «لا يمكن أن يشكّل بديلاً من الإدخال الضروري للمساعدات عبر أكبر عدد ممكن من الطرق البرّية، فهذه هي الطريقة الأكثر فعاليّة لإيصال المساعدات على نطاق واسع».
توازياً، أعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي عن قلقهم البالغ «إزاء تقارير تُفيد بأنّ أكثر من 100 شخص فقدوا حياتهم وبأنّ مئات آخرين أصيبوا بجروح في حادثة اشتركت فيها قوّات إسرائيليّة في تجمّع كبير محيط بقافلة مساعدات إنسانيّة جنوب غرب مدينة غزّة».
وفي بيان صحفي صدر، السبت، جدّد أعضاء المجلس التشديد على «ضرورة أن يمتثل جميع أطراف النزاعات لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، حسب الاقتضاء».
وأثار الحادث الذي وقع، الخميس، عند دوار النابلسي في مدينة غزة، إدانة دولية واسعة ومطالبات بالتحقيق.
وأفادت وزارة الصحة التابعة لحماس، بأن 118 شخصاً على الأقل قتلوا بنيران إسرائيلية أثناء تجمعهم للحصول على المساعدات. من جهته، أقر الجيش الإسرائيلي بوقوع عمليات إطلاق نار «محدودة»، مرجّحاً مقتل أغلبية الضحايا جراء «الازدحام الشديد والدهس».
ومع تدهور الظروف الإنسانيّة ووسط تصاعد العنف، أعلنت وزارة الصحّة في القطاع المحاصر وفاة 15 طفلاً على الأقل بسبب سوء التغذية في الأيّام الأخيرة، وأعلن المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة الأحد، «مقتل 15 طفلاً بنتيجة سوء التغذية والجفاف»، مبدياً خشيته على حياة ستة آخرين على الأقل.
قتلى في رفح
إلى ذلك، أعلنت الوزارة، الأحد، ارتفاع حصيلة القتلى إلى 30410 أغلبهم من المدنيين منذ بدء الحرب.
واندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، على إثر هجوم شنّته حماس على مناطق غلاف غزة، أودى بأكثر من 1160 شخصاً، بحسب حصيلة رسمية إسرائيلية.
كذلك، احتُجز 250 شخصاً رهائن، لا يزال 130 منهم في الأسر وفق إسرائيل التي تُرجّح مقتل 31 منهم في القطاع.
وشنت إسرائيل منذ ذلك الحين حملة قصف مكثف على القطاع، أتبعتها بعمليات برية واسعة اعتباراً من 27 تشرين الأول/ أكتوبر.
وقالت وزارة الصحة إنها أحصت في الساعات ال24 الماضية 99 قتيلاً على الأقل، بينهم 14 من عائلة أبو عنزة في مخيم رفح للاجئين بجنوب القطاع، وأظهرت لقطات فرانس برس مبنى مدمّراً بالكامل تجمّع حوله عشرات الأشخاص للبحث عن ناجين وانتشال الضحايا.
وواصلت إسرائيل ميدانياً، عملياتها خصوصاً في خان يونس التي تشكّل منذ أسابيع طويلة محور الضغط العسكري، وأفاد المتحدث باسم الجيش، الأحد، ببدء «هجوم واسع النطاق» في غرب خان يونس تخللته «طلعة جوية هجومية مكثفة أغارت في إطارها طائرات مقاتلة، على نحو 50 هدفاً خلال 6 دقائق بدعم من قوات المدفعية».
المصدر: الخليج