حينما يعبث “ولدنا” بأموال غيره فهو معذور لأنه في آخر النهار يظل “ولدنا”. إنه في كل الأحوال من دمنا ولحمنا! وإن قال غيره ربع ما قال قامت دنيانا ولم تقعد. وما يخسأ إلا كل من هو خارج دائرة “ولدنا”، كيف يجرؤ على نقدنا؟
كل زلة مغفورة لـ”ولدنا”. ما يحق لـ”ولدنا” لا يحق لغير “ولدنا”. وبغض النظر عن المؤهل والقدرات، “ولدنا” هو الأجدر بثقتنا وبمناصبنا وبهدايانا وكل امتيازاتنا. يخطئ فنسامحه. ينتقد فنعاتبه عتاب الأب لابنه والأخ لأخيه. يقول في الإعلام كلاماً لو قاله غيره لقطعنا لسانه، نتجاوز عنه ثقة في حسن نيته وطيب مقصده. إنه دائماً وأبداً “ولدنا” الوفي مهما أخذه الحماس حيناً أو ضلله بعض “الحاقدين” حوله من أولاد الجيران وجيران الجيران! هذا الـ”ولدنا” ميزه الله عن غيره بأنه مهما قال أو فعل يبقى منا وفينا. ولدنا هذا كان أجداده من أقرب الناس لأجدادنا. جده رعى الغنم في طفولته مع جدي. وأبوه صادق أبي. وأخوه شارك في التجارة أخي. أحياناً يكون هذا الـ”ولدنا” من أطراف جماعتنا لكنه يبقى منا وفينا مهما قال ومهما انتقد. أما غير “ولدنا” -حتى وإن حرث البحر أملاً في إقناعنا بصدق نواياه- فهو دخيل علينا، قلبه مملوء بالحقد والتآمر، وليس مكاناً لثقتنا حتى وإن حمل أعلى الشهادات أو عمل في أرقى المؤسسات!
•••
إن أرادت بلداننا – في الخليج تحديداً – تنمية حقيقية وسلاماً دائماً، فإن عليها -من ضمن أوليات التغيير المهمة- أن تدفن عقلية “ولدنا” إلى الأبد، وتعيد النظر في تعاطيها مع أبناء الوطن الواحد من خارج دوائر النفوذ!
اللهم إني بلغت!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٨٨) صفحة (٣٦) بتاريخ (٠١-٠٣-٢٠١٢)