كاتبة إماراتية
التربية تعتبر وظيفة مشتركة بين كافّة أفراد المجتمع، والتي تبدأ أساساً من المنزل، فهو حجر الأساس الذي يبنى عليه جميع أساسيات تربية الأطفال. فالأسرة لها دور في تقويم سلوك الأطفال، وتوفير مستقبل أفضل لهم، بعيداً كل البعد عن العُقد والاضطرابات النفسية والسلوكية، الأمر الذي يقيهم من مطبات الحياة.
وبعد الأسرة، يأتي دور المدرسة والأقارب والمجتمع، وكلّ هذه العناصر مهمة أيضاً في بناء جيل واعٍ، لأن كل واحد منها له دور وتأثير كبير في بناء شخصية الطفل، وإكسابه قِيَماً تحميه من الانزلاق في الممارسات الخاطئة، التي قد تؤثر في سمعة الفرد والمجتمع والدولة.
ولكن إذا غاب دور الأسرة وانعدم دور المجتمع في نشر الوعي، جُرِف الأبناء إلى مرافقة أصدقاء السوء، من غير إدراك الأُسر للمخاطر التي قد تواجه أبناءهم، فتتحول علاقات الصداقة الزائفة للأبناء، إلى نهاية مؤسفة.
ذكر أحد الوالدين، أنهم سمحوا لابنهم بالسفر مع أصدقائه لأسابيع خارج الدولة، ليقضي وقتاً ممتعاً معهم، من غير التأكد من نوعية الأصدقاء، لتكون الطامة الكبرى مع رفاق السوء، الذين جروه إلى الطريق المدمّر، الذي حكم على مستقبله بالإعدام.
قبل سفره، كانت الأسرة مطمئنة برحلة ابنهم، حتى بدأ الارتباك بعد عودته من السفر، بسبب تبدل سلوكه، والشحوب على وجهه، والثقل في الكلام. فقاموا بالتواصل مع الجهات المختصة، ليتأكدوا من الأعراض، فتبين لهم أنه يتعاطى المخدرات.
لذا، قاموا بأخذه مباشرةً إلى مركز تأهيل المدمنين، حتى يجدوا باباً لعلاجه، ومن هنا بدأت المشاكل تتوالى على الابن والأسرة.
هناك نوعان من المدمنين، نوع يصر على الاستمرار في إدمانه، فيعتبره القانون متهماً، والنوع الآخر يطلب العلاج، فيعامل كمريض، يحتاج للمساعدة حتى يشفى ويعود كشخص طبيعي. ولكن نظرة المجتمع للاثنين، واحدة حتى إذا تعافى الشخص من إدمانه. فتشعر بعض الأسر بمرارة الفضيحة، ويبدأ الأصدقاء بالانسحاب من محيط المدمن، وسوق العمل ليس بأرحم منهم.
فالمتعافون من الإدمان يواجهون صعوبة في الحصول على فرصة للعمل في بعض المؤسسات، التي باستطاعتها أن توفر حياة كريمة لهم، بمنحهم فرصة لتخطي جانب الاعتماد المادي على الأسرة. أما المشكلة الكبرى، فهي نظرة المجتمع لهم، لأنهم لن يجدوا الدعم الكافي، كونهم فئة ضعيفة، تحتاج للمساعدة، فتظل النظرة السلبية ترصدهم أينما ذهبوا. فيصبحوا عالة على ذويهم والمجتمع والدولة.
بعض الدول تبذل جهوداً عظيمة لاستيعاب المتعافين، وتشجيعهم على ضرورة الإقلاع عن المخدرات، ولكنها ما زالت تواجه مشكلة في انحدار عدد مراكز العلاج والتأهيل والكوادر الطبية المؤهلة، وضعف نوعية البرامج الصحية والاجتماعية والقانونية بشأن المدمنين، التي قد تكون سبباً في عودة المتعافين إلى مستنقع الإدمان مرة أخرى.
في مقال «معاناة الأطفال بصمت»، ذكرتُ أن حماية الطفل مسؤولية أسرية ومجتمعية، لأنهم أمانة في أعناقنا جميعاً، ولكن إهمال العنصر الأساسي، وهي الأسرة للأبناء، قد يتسبب في خسائر كثيرة للدولة والمجتمع، ويهدد سلامة وأمن الأبناء، فيتسبب في ضياع جيل كامل.
المصدر: البيان