عائشة الجناحي
عائشة الجناحي
كاتبة إماراتية

لا تخدعك الصورة

الثلاثاء ٢٣ يوليو ٢٠٢٤

يصل بعض الأبناء إلى مرحلة المراهقة، ومن ثم البلوغ، ولا يزالون أطفالاً صغاراً في تصرفاتهم وسلوكهم، تشعر وكأنهم معدومو الشخصية والثقة بالنفس، لا يتخذون أي قرار يتناسب مع مرحلتهم العمرية، وكأنهم في هذه الحياة مسيّرون ضمن متطلبات الكبار، رغباتهم وآراؤهم بالنسبة لهم غير مهمة، لأن أحد الوالدين يتعامل معهم كأتباع له، وليسوا كشخصيات مستقلة، لهم كيان وفكر مستقل. للأسف، هؤلاء هم أبناء «الشخصية النرجسية»، التي في أغلب الأحيان تطمس شخصية أبنائها تماماً، حتى تظهر في أجمل صورة للملأ، ولكن ما خفي أعظم. في الواقع، تكثر اليوم بعض اللقطات المثالية لأدق تفاصيل حياة بعض الآباء النرجسيين في التعامل الإيجابي والاستثنائي مع أبنائهم في الإعلام الاجتماعي، فهم يعتبرونهم أداة لتحقيق مجدهم الشخصي لا أكثر، غير مكترثين لراحة وسعادة أبنائهم، أو استقرارهم النفسي. ولكن البعض يخدعه الظاهر. فبعض تلك الصور تبرز الجانب الإيجابي، ولكن الحقيقة قد تكون عكس ذلك تماماً، لذا، يتطلب منا التمهل قليلاً قبل الترويج وإطلاق الأحكام، والتيقن بأننا لم نرَ الصورة كاملة، هذا هو فقط جزء من الصورة، أنت لست ملمّاً بما هو خلف الكواليس. أما الأبناء، فلا بد من التعامل مع الوالدين النرجسيين بذكاء وحكمة، ليتمكنوا من برهم والعيش في سلام، من خلال استخدام الثناء والمدح الدائم عند الحديث معهم، وتجنب المجادلة، حتى لا يغتاظوا، كما أنه لا بد…

لا تتسرع

الثلاثاء ١١ يونيو ٢٠٢٤

«من نظرتها وأسلوبها تمكنتُ من معرفة نواياها الخفية»، «هي ليست طيبة، كما تزعم، وتحاول أن تظهر للجميع».. وغيرهما الكثير من الأحكام التي قد لا تليق أو تشوه صورة بعض الأشخاص، لأنها مبنية فقط على جوانب محددة، وظروف معينة، أو انفعالات غير مقصودة، لربما كانت في لحظتها خارجة عن السيطرة. ولكن كم هي المرات التي غيّر فيها البعض حكمه السلبي على الآخر، لمجرد الاسترسال معه في الكلام، وكم من العداوات التي كانت غير مبررة، تلاشت من أول حوار أو موقفٍ عابر، ولكنه ترك بصمة إيجابية في حياة الأشخاص المحيطين به، وأجمل الأثر في نفوسهم. لماذا لا نتبع استراتيجية فعالة في تقويم السلوك، قبل الحكم السريع على الآخرين؟ تخبرني إحدى السيدات، أنه من المحال أن تحكم على الناس من الوهلة الأولى، فهي تحسن الظن بالأشخاص لفترة طويلة، حتى يثبتوا لها العكس، لذلك تجزم ضرورة وضع الحدود الصحية، حسب البطاقات المرتبطة بحجم الود والعطاء والمواقف مع الآخرين، لتتمكن من المحافظة على قوة شخصيتها، ودوام صورتها المحببة والمقبولة لدى الآخرين. فالبطاقة البيضاء تكون عادةً لعامة الناس، ولكن الخضراء تكون للمقربين جداً، والصفراء لمن تعتبرهم مرآتك الصادقة، الذين تذوب أمامهم جميع الحواجز، كالوالدين. أما البطاقة الحمراء، فهي للأشخاص السامّين، الذين تعدّهم مصدر خطر بسبب سلوكهم العدواني وأثرهم السلبي. تذكر دائماً أنك حين تصنف الأشخاص بصدق…

منتدى الفكر والإبداع

الثلاثاء ٠٤ يونيو ٢٠٢٤

منتدى الإعلام العربي هو حدث استثنائي ومتميز، بما احتضنه من نخبة من صُنّاع القرار في القطاع الإعلامي، والإعلاميين العرب، وصنّاع المحتوى وكبار الكُتّاب، من الإمارات والوطن العربي، الذين اجتمعوا في دبي لتبادل الخبرات والمعارف، وبحث التحديات والمستجدات في هذا المجال المهم. لقد شهد هذا المنتدى - الذي بات جزءاً من مظلة أوسع وهي قمة الإعلام العربي - التجمعَ الإعلامي الأكبر من نوعه والأبرز في المنطقة، والذي نظمه بإبداع وإتقانٍ تام نادي دبي للصحافة، إضافة إلى جائزة الإعلام العربي، وجائزة رواد التواصل الاجتماعي العرب. ويؤكد هذا الحدث أهمية دور الإعلام وانعكاسه الإيجابي على الشباب وجميع العاملين في مجال الإعلام. ولقد أثنى كثير من المشاركين في هذا المنتدى من داخل الدولة وخارجها، على عمق وجمال الجلسات المختلفة والمغلقة في الفضاء المفتوح الذي ساعد الأفراد على سماع محتوى ومضمون كل جلسة من غير التشويش على بقية الجلسات، بالإضافة إلى توفير حديقة الذكاء الاصطناعي التي أتاحت الفرصة للمشاركين والحضور في المنتدى، لإجراء محادثات تفاعلية من خلال حوار افتراضي عبر تقنيات المستقبل مع شخصيات ورموز عربية ذاع صيتها في مجال الأدب والإعلام التي رحلت عن عالمنا. وأتاح هذا المنتدى الفرصة لمشاركة بعض الشباب في الجلسات وتشريفهم بالولوج إلى عالم منتدى الإعلام العربي من خلال مخالطة العمالقة والمخضرمين في مجال الكتابة والإعلام والثقافة، والتي كانت بالنسبة…

ذكريات خالدة

الثلاثاء ٢١ مايو ٢٠٢٤

في أحد الأيام طلب الجد من حفيده أن يقطع له ليمونتين ليضيفهما على طبق الفول، وما إن هَمّ بقطع الليمون رأى يد جدِه وفيها إصبعان مفقودتان، قال محادثاً نفسه: «يا إلهي لقد كبرت وأنا أرى يده بهذا الشكل ولم أسأله حتى الآن كيف قطّع إصبعيه، هو جزار هل يعقل أنه قطعهما بسكين وهو يقطع اللحم لأحد الزبائن»، بدأ يعاتب نفسه: «كيف لم أعطِ جدي قبل هذا اليوم حقه في إخباري بقصة أصبعيه المبتورين، كيف لم أشعره باهتمامي ورغبتي في معرفة تفاصيل الأمور التي تخصه وتعنيه»، لذا سأله مباشرة: «جدي كيف فقدت إصبعيك، هل قطعتهما بسكينك خطأ ؟. بالرغم من سرور الجد على هذا الاهتمام إلا أنه اعتبرها لوهلة إهانة كبيرة، فهل يمكن لمثله أن يقطع أصابعه بسكين، ثم أخبره أن ذلك بسبب الماكينة التي تعمل بالكهرباء وتدور شفرتها كالقطار. وما إن كاد الحفيد أن يسرح بكلام جده وخزه بيده طالباً الليمون، ليكتشف الجد أنه قطع ليمونتين فقط كما طلب منه، فقال ناصحاً:«إياك أن تفعل هذا ما حييت، أن يكون العطاء تماماً على قدر السؤال لأن هذه من صفات الجبناء. وأما الكرم فهو صفة الرجال العظماء الذين يميزهم العطاء فهم يثقون بأنفسهم ولا يهابون تقلبات الحياة المفاجئة». مر الوقت سريعاً ورحل الجد الصديق الصدوق وجميع الذكريات الجميلة مع حفيده ولكن بقيت…

تأسر القلوب

الأربعاء ٢٧ مارس ٢٠٢٤

ما زلت أتذكر كلمات إحدى السيدات الإيجابية المرصعة بالرقي والتي ستبقى دوماً مغروسة في ذاكرتي، وهي «كوني يا عزيزتي كما أنتِ بكلماتكِ العطرة وأسلوبكِ الجميل، وتذكري دائماً هذه الكلمات لسانك حصانك إن صنته صانك»»، هذه السيدة كانت تشغل منصب السكرتارية في إحدى المؤسسات الخاصة التي عملتُ بها بعد التخرج في المدرسة بغرض التدريب والاحتكاك بسوق العمل للانشغال بتطوير المهارات الاجتماعية، واستغلال الوقت بشكل إيجابي قبل الولوج إلى الحرم الجامعي. في الواقع ظلت كلمات هذه السيدة تتردد في ذهني إلى اليوم؛ لأنني استوعبت في ذلك الوقت كيف لكلماتك الإيجابية والصادقة أجمل الأثر في نفوس الآخرين التي بلا شك تقرّب المسافات وتزيد من قبول واحترام الآخرين لك بالرغم من سطحية بعض العلاقات. بلا أدنى شك، أسلوبك مع الآخرين إما أن يأسر القلوب ويقربها منك أو يتسبب في النفور والابتعاد عنك، الأسلوب الجميل واستخدام الكلمات الموزونة والحانية حتماً لها أثر السحر الإيجابي ودور كبير في نجاح أغلب علاقاتك الاجتماعية، كما أنها تساعدك على تخطي أصعب الظروف وأشد المواقف مع الآخرين. أما من يقول هذه شخصيتي وهذا هو أسلوبي، ولا بد من أن يتقبلني الآخرون كما أنا، فسيعيش بلا شك وحيداً منبوذاً ولن يتذكره أحد؛ لأنه لم يرسم صورة جميلة تترسخ في ذاكرة المقربين أو حتى الغرباء على مر السنين. تأكد أنه ما يجعل…

تنظيم التبرعات

السبت ١٦ مارس ٢٠٢٤

يوجد لدى كل شخص منا بذرة الخير، والقدرة على المساهمة الإيجابية، ولو كانت بالقليل، ولذا، تجد أغلب الناس يسعون قدر الإمكان إلى مد يد العون لكل محتاج، بتقديم الدعم والمساعدات لأصحاب الحاجة، ولكن للأسف يستغل أحياناً بعض الأفراد أو الجهات غير المرخصة هذه التبرعات، في غير الأغراض التي جُمعت من أجلها، أو دون الحصول على شهادة معتمدة من الجهات المختصة، التي تثبت أنها جهة خيرية أو إنسانية معتمدة، وبالتالي، تتسبب في استغلال أموال المتبرعين. ومن هذا المنطلق، أعلنت مؤخراً وزارة تنمية المجتمع «قانون تنظيم التبرعات»، الذي يستهدف الحفاظ على أموال المتبرعين، وحمايتها من الاستغلال، وضمان وصولها إلى مستحقيها بأمان. وبلا شك، مع حلول شهر رمضان المبارك، ستشهد الدولة إقبالاً كبيراً من أهل الخير والأيادي البيضاء، لذا، أعلنت الوزارة ضرورة التأكد من أن الجهات التي تتلقى التبرعات، ليست وهمية، ومُصرح لها بجمع تلك التبرعات، حتى لا يقع المتبرعون فريسة لتمويل التنظيمات غير المشروعة. ووفقاً لشروط جمع التبرعات، يتعين على الجهات المصرح لها الحصول على تصريح رسمي، يسمح لها بجمع التبرعات، مع العلم بضرورة أن تتم عملية جمع التبرعات من خلال الجمعيات الخيرية فقط، بينما يحظر ويعاقب الشخص العادي على جمع أو قبول التبرعات من الجمهور، بسبب مخالفته لأحكام قانون التبرعات. كما يسمح القانون بتقديم المساعدات بين أفراد العائلة الواحدة، أو الحي…

وظائف المستقبل

الأربعاء ١٣ مارس ٢٠٢٤

كانت إحدى الأمهات حريصة كل الحرص على وضع خطة دراسية بشكلٍ منتظم لمتابعة ابنتها البكر باستمرار، كانت هينة ولينة في تربيتها وفي نفس الوقت حازمة تحسن التصرف وتعالج الأمور دائماً بحكمة، ولا تترك الحبل على الغارب وتهمل ابنتها إذا زادت عليها ضغوطات الحياة، بل كانت تصبح المعلمة إذا تطلب الأمر ذلك، والصديقة المقربة لابنتها تنصت لها بحرص في جميع المواقف وتوجهها إلى المسار الصحيح وتواكب حاجة سوق العمل لتطورات التكنولوجيا الحديثة. اليوم في ظل التطور المتسارع ألغت التكنولوجيا بعض المهن واستحدثت مهناً أخرى جديدة في سوق العمل، الذي سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الأبناء في المستقبل ممن سينتهي بهم الحال في وظائف جديدة قليلة الانتشار والإقبال في الوقت الحالي ولكن ستكون في تزايد مستمر مستقبلاً، وعلى الأجيال أن يكونوا مستعدين وجاهزين لهذه الوظائف. لذا لنتمكن من إعداد الأبناء ليكونوا على أتم الاستعداد لوظائف المستقبل لابد من إتقانهم «التعلم الذاتي» من خلال البحث والاكتشاف الذي يعزز قدراتهم على حل المشكلات وتنمية السلوك الإيجابي تجاه التعلم وتجربة أفكارهم بإبداع ابتداءً من مرحلة الطفولة المبكرة، حتى يتمكنوا من مواكبة التطور المتسارع في ميادين المعرفة وتطبيقاتها كلما تقدموا في السن. بالإضافة إلى «تنمية الفضول» لدى الطفل، الذي يحدث بدافع فطرتهم وشغفهم للمعرفة والتعلم لديه من خلال عدم إيقاف الفضول الطبيعي لديه والسماح له بالتعبير عن…

أفكارك الخاطئة

الثلاثاء ٢٧ فبراير ٢٠٢٤

«لا تُشيِّد صرحاً من الأوهام المزعجة على أساسٍ غير متينٍ من ملاحظاتك الناقصة». بلا شك حديثك الدائم مع النفس وطريقة تفكيرك يؤثران في طبيعة حياتك، لأنك تجد نفسك أحياناً في موقفٍ لا تحسد عليه لتصديق ظنك وأفكارك الخاطئة، وبالتالي تتسرع في إطلاق الأحكام والكلمات غير المناسبة التي توجهك إلى مسارات غير متوقعة قد تكلفك صحتك النفسية والجسدية. كم من المرات التي اندفعت في ردة فعلك على موقفٍ لم يكن يستحق إلا الرد الإيجابي أو تجاهله، ولكنك تعاملت معه وكأنه قضية كارثية، فخسرت صحتك أو عطايا وفرصاً. إن صحتك وقوتك العقلية تتطلبان منك ثلاثة أمور رئيسة، وهي إدارة الأفكار، تنظيم المشاعر، وتحقيق الإنتاجية رغم كل المصاعب والظروف. ولا بد من إدارة الأفكار والكلمات المليئة بتشوهات معرفية من خلال معرفة أخطاء التفكير، واستبدالها بطرق تفكير صحية. أولها الكل أو لا شيء، صاحب هذا التفكير يرى الحياة أبيض أو أسود فقط، ناجح أو فاشل، لا يوجد وسط، ولكن الحياة درجات، بها ألوان كثيرة غير الأبيض والأسود، والنجاح أيضاً درجات. ثانياً، الإفراط في التعميم من خلال أخذ حدث معين فيتم تعميمه على حياتك بأكملها، فقد يكون عاملك أحد أفراد أسرة زميلك بطريقة غير لائقة، فتعتقد أن جميع أفراد هذه العائلة وقحون، أو لم تنجح في أحد الامتحانات، فتعمم أن هذا هو حتماً أداؤك، ولكن…

التخصص والمهارات

الثلاثاء ١٣ فبراير ٢٠٢٤

ثمة مقولة كانت تتردد على مسامعنا دائماً، وهي «جاك لجميع المهن، غير محترف في أي مجال»، وكان البعض يؤمن في السابق أن من يعمل فقط في مجال تخصصه لسنواتٍ طويلة هو الأكثر إبداعاً وتميزاً والأوفر حظاً في مسيرته العملية، ولكن قد يلحظ البعض الآخر أنه حين يتدهور الوضع المهني لأي سبب من الأسباب، يبدأ يتلاشى ذلك التميز ويخفت بريقه، فيتراجع الشخص تلقائياً إلى الوراء، ويتمنى لو كانت لديه مهارات أخرى تزيد من رصيد إبداعه، أو تفتح له أبواباً جديدة في جوانب مختلفة. اليوم، كم من شخص محترف في مجال معين، ولكنه أيضاً يمتلك مهاراتٍ عدة في مجالات أخرى، وكم من شخص متخصص في مجالٍ واحد فقط ولا يؤمن أو يثمن أهمية تعدد المواهب والمهارات. قد تكون هناك معتقدات قديمة خاصة ببعض الأشخاص الذين عاشوا تجربة معينة بمشاعر جعلتهم يضعون بعض القوانين بعيداً عن الشكل المناسب للنجاح. على سبيل المثال، قد يكون أحد الموظفين مبدعاً ويمتلك مهارات استثنائية على الصعيد العملي، وفي تجاربه الشخصية ومشاريعه الخاصة متألقاً أيضاً. فمن إحدى القصص الملهمة لأحد الأطباء المختصين في جراحة القلب المفتوح، تبين أنه تمكن أيضاً من الحصول على الميدالية الذهبية في التايكواندو 3 سنوات متتالية. وأخرى هي قصة إحدى الشخصيات التي تمتلك منصباً مرموقاً في إحدى الجهات المحلية، وفي الوقت نفسه تشارك في…

الخيال وصناعة الواقع

الثلاثاء ١٦ يناير ٢٠٢٤

شعرت السيدة فجأة بعدم وضوح الرؤية وازدواجيتها بعد ولادتها مباشرة، راودها شعور غريب، وبعض الارتباك، لذا ذهبت إلى طبيبها، وتم تشخيصها، فزادت حيرتها أضعافاً، خصوصاً حين أخبرها الطبيب أن مشكلتها ليست في النظر، لأن فحوصاتها سليمة، لذا طلب منها إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي، وبينت نتيجة الفحوصات آنذاك إصابتها بمرض التصلب اللويحي، الذي استمر ما يقارب 15 سنة، البداية كانت بلا شك مزمنة، ولكنها كانت تتخيل حياتها الوردية، بعد استكمال دراستها الجامعية، وتمكنت من التفوق والسيطرة على المرض بنجاح. لا يمكن لهذه الدنيا أن تخلو تماماً من الضغوطات، فالإنسان بطبيعته متقلب المزاج والأحوال، فتارة تجده في قمة السعادة والراحة النفسية، وتارة حزيناً، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، كيف تستطيع أن تحافظ على حالتك الإيجابية واستقرارك النفسي؟ خيال الإنسان ونظرته للأمور هي ما تحدد مصيره، فالشخص الذي يغذي عقله دائماً بالأفكار الإيجابية يحقق الكثير من النجاحات، رغم مروره بالكثير من المشاكل والإحباطات، ولكن البعض من الممكن أن يكونوا قد قطعوا شوطاً كبيراً من الإنجازات، ولكن حين عصف بهم تيار الفشل في بعض المواقف، استسلموا للتفكير والتخيل السلبي، فتوقفوا عند ذلك الحد، واكتفوا بما وصلوا إليه. في علم النفس يعرّف الخيال بأنه القدرة العقلية على تجسيد أحاسيس غير موجودة في أرض الواقع، الذي يعتبر من أهم الأشياء التي تشكل وعي الإنسان، وتزداد تلك…

اختلاف الأجيال

الأربعاء ٢٩ مارس ٢٠٢٣

حين عادت الأم من الدورة التدريبية إلى المنزل بدأت بمراجعة بريدها الإلكتروني الخاص، ولاحظت إحدى الرسائل الموجهة لأولياء الأمور عن أهمية إرسال الموافقة أو الرفض بخصوص رحلة الطلاب المدرسية إلى اليابان، بدأت الأم بالرد منغمسة في الكتابة، ويلاحظ ابنها طول وعمق الرد فيخبرها: أمي كلمات بسيطة تكفي، لا أعتقد أن المعلمة لديها الوقت لقراءة هذا الرد الطويل. فتجاوبه الأم: لا بد أن تزود الأشخاص دائماً بالتفاصيل اللازمة. «لا تربوا أبناءكم كما رباكم آباؤكم، فقد خلقوا لزمان غير زمانكم». إن الاختلاف بين الأجيال أصبح اختلافاً وارداً في الآراء والثقافات بين جيل وآخر، وهذا الاختلاف يشير إلى الفجوة التي قد تفصل بين الأفكار ووجهات النظر التي يعبر عنها جيلان مختلفان في الأفعال والأذواق والمعرفة، فلقد أصبحت الفروق بينهما واسعة؛ وذلك نتيجة التطور التكنولوجي والعلمي السريع الذي نشهده اليوم. الجيل القديم يتقن فن التعامل مع الحالات المعقدة والأمور الطارئة، وعلى الجيل الجديد أن يقدر تلك الحكمة التي تراكمت عبر السنين. أما الوسائل الحديثة المتوفرة في الوقت الحالي فقد ساهمت في تطور مهارات الأجيال وطريقة تفكيرهم وتقبلهم لكل ما هو جديد ومختلف في عالم التكنولوجيا، ولا نستبعد حرصهم واهتمامهم في هذا المجال، فهم من جيل «تيك توك» و«إنستغرام»، والذكاء الاصطناعي الجديد chatGPT، التي ستغير حتماً مفهومنا لكثير من الأشياء التي ألفناها في السابق. ولا…

من هو المكتفي؟

الأربعاء ٢٠ يوليو ٢٠٢٢

مرّ وقت طويل على غياب صديقتها المقربة لذا فقدت أمل اللقاء بها مجدداً لأنها لم تكن تجيب على المكالمات الهاتفية، وفي أحد الأيام أصرت على إحياء هذه العلاقة من جديد، لذا أرسلت لها باقة ورد لتتفقد حالها وتطمئن عليها، وفي اليوم التالي حدث ما خالف جميع توقعاتها حين شاهدتها في حديقة منزلها على غير العادة والغضب قد اعتراها وهي تقول باستياء: لا أحب الورد وأرفضه وعلى الأخص منك. يعيش الشخص حالة من التعاسة والتسول العاطفي حين يسلم مفاتيحه الداخلية إلى الخارج، لأنه يمتلك نظرة محدودة لذاته فيرفع سقف توقعاته من الآخرين وينهار عند عدم تلبيتهم احتياجاته، أحياناً لا يدرك بعض الأشخاص أهمية الاكتفاء الذاتي إلا بعد مواجهة الكثير من الصراعات والتجارب المخيبة للآمال التي لم تأت بلا شك من فراغ بل من عدم التحرر من سجن الاحتياج للآخرين. الاكتفاء الذاتي يوفر صلابة نفسية قوية، لذا تسعد بوجود الأشياء الجميلة والإيجابية في حياتك، إلا أنك لا تنهار حين ينهال عليك فيض من المواقف السلبية لأنك مدرك تماماً أن بوصلتك داخلية وما يحدث في الحياة ما هو إلا انعكاس لما غرس في داخلك، لذا من المهم التحرر من لعب دور الضحية بهدف استجداء العاطفة من الآخرين والسعي إلى تقدير الذات لتحقيق الاستقرار النفسي والعاطفي. ثق بأنك لتصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي لابد…