نقش الأثر أصعب من أن يحدث بين يوم وليلة فهي رحلة طويلة مطرقتها الإصرار لبناء خطة استراتيجية واضحة، روحها المعرفة وسرها المثابرة.

في الخمسينات والستينات تقدمت التكنولوجيا بشكل كبير في صناعة الثلاجات، كإزالة وصنع الثلج آلياً، وتوالت التحديثات في مواكبة أحدث التقنيات في هذه الصناعة إلى يومنا هذا.

فلقد نجح الفرنسي «فرديناند كاريه» باختراع الثلاجة عام 1859 والتي تعد من أهم الاختراعات في العصر الحديث، لما لها من فوائد عدة في توفير التخزين البارد والذي غيّر الكثير من الممارسات القديمة في تخزين الأطعمة.

كان الناس قديماً يلجأون إلى وسائل مختلفة في حفظ الأطعمة كالأسماك واللحوم والحبوب، فلكل نوع من الأطعمة كان يتوجب استخدام طريقة مختلفة للتخزين، الأمر الذي تضمن هدراً للجهد والوقت، حتى ظهر أول تبريد اصطناعي بشكل مبتكر ليصنع الفرق.

الابتكار هو عملية إنتاج منتج أو آلية جديدة بهدف تحسين وتطوير الكفاءة من خلال حلول جديدة تتجاوب مع متطلبات المستخدم. ولكن الابتكار ليس اختراعاً جديداً بل هو إكمال أو تعديل لفكرة بدأت مسبقاً، من خلال تحديد المشكلة ووضع الحلول المناسبة لحلها. أساس الابتكار هو الاكتشاف فالعالم ألبرت اينشتاين لم يخترع العلاقة بين الطاقة والكتلة بل اكتشفها والعالم نيوتن اكتشف قانون الجاذبية الأرضية ولم يخترعها.

في 2015، صرح صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بأنه عام الابتكار، وعليه أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بضرورة بناء كوادر وقيادات متخصصة لضمان الاستدامة في نجاح المشاريع والمبادرات.

وأعلن صاحب السمو الشيخ محمد رغبته في إنجاز الوزارات والهيئات الاتحادية والمحلية المشاريع المبتكرة. ولكن كيف يتم نشر الابتكار؟ وهل يعد الابتكار ناجحا إذ لم يتم اتباع خطة استراتيجية فعالة؟

بالإشارة إلى نشر وتبني الابتكار Innovation Diffusion and Adoption، عرف روجرز (1995 م) الانتشار Diffusion على أنه الآلية التي يتم من خلالها نشر الابتكار عبر قنوات معينة خلال مدة زمنية محددة، وعرّف تبني الابتكار على أنه القرار الذي يتم اتخاذه لتطبيق الابتكار. سر نجاح الابتكار يكمن في نشره باتباع عملية تسويق مبتكرة والذي يدفع الجمهور المستهدف لتبنيه.

فلا يغيب عن بالنا الكثير من الأفكار البناءة التي ذهبت أدراج الرياح والابتكارات المذهلة التي لم يسمع عنها الكثيرون وذلك لأن سياسة نشر الابتكار Diffusion of Innovation لم تطبق بالشكل الصحيح. فأية جهة لا تتبع أفضل الممارسات في نشر الابتكار وتستمر بالنهج التقليدي ستقاد بكل تأكيد إلى مرحلة الاندثار.

وضمن للمبادرات الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي، اطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في الربع الأول لسنة 2015 «قمة رواد التواصل الاجتماعي العرب» وذلك لتعزيز مكانة القمة عالمياً بتشجيع كافة المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي للعمل بروح الابتكار وإحداث التغيير الإيجابي بما يخدم مسارات التنمية المستدامة.

فلنتعلم من «أبل» المنتج الذكي الذي سحر الكثير من الشباب وتويتر التي منحتنا روعة التغريد في نشر الثقافة على جناح عصفورة لتكون خدمة للبشرية.

فسر نجاح كل من ستيف جوبز مؤسس شركة ابل العالمية والعالم ألبرت اينشتاين ونيوتن هو أنهم لم يقتنعوا البتة بأن الحياة توقفت عند الأمس بل كانوا الدليل فأذابوا حدود المستحيل وأخذوا بيد الناس إلى حيث النور.

بخطى واثقة أمام ناظر مجموعة من المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي يصرح أحدهم بابتكاره «حد سمع عن الثلاجة التي ترسل مسجات تبلغ بالنواقص على موقع تويتر». فيجاوبه أحدهم باستغراب «لا أبداً .. وهل طبقت سياسة نشر الابتكار». فيرد بدهشة: «لا بس هالابتكار متعوب عليه».

المصدر: البيان