قال مديرو ورؤساء دوائر مختصة وشركات تطوير عقاري وأخرى عاملة في الاستشارات «إن العقارات في دولة الإمارات عموماً وفي دبي خصوصاً استفادت من تنوع جنسيات المستثمرين في السوق العقاري وباتت تتمتع بمرونة أعلى ضد تداعيات الضغوط التي تمليها جملة عوامل تحت عنوان (التقلبات) سواء تلك المتصلة بأسعار النفط أو العملات الأجنبية وفي مقدمتها قوة الدولار والدرهم، أو تلك المتصلة بشكل مباشر بأوضاع المنطقة أو ما يعرف بالتداعيات الجيوسياسية».
وبينما قال البعض لـ(البيان الاقتصادي) إنه يرى تأثيراً محدوداً، ذكر آخرون أنهم لا يرون أية تأثيرات على الإطلاق. لكن من جهة أخرى فإن القادمين (بقصد الاستثمار أو العمل) من بلدان اقتصاداتها غير مرتبطة بعملة الدولار هم أكثر من يتعرضون إلى ضغوط تكلفة المعيشة.
وأوضح الخبراء أن السوق العقاري في الدولة خضع طيلة الأعوام الأربعة الماضية لعملية تنظيم واسعة النطاق شملت كل الأنشطة المباشرة بالقطاع العقاري، بالاستفادة من الأخطاء التي رافقت الطفرة العقارية عام 2002 من جهة والتأثيرات الجانبية التي خلفتها الأزمة المالية العالمية عام 2008، حيث تم صياغة أطر عمل للسوق للنأي به عن التأثر الكبير بتلك العوامل ومن بينها تقلب أسواق العملات.
ووصفت مجلة فوربس ميدل إيست، في أحدث تقاريرها، سوق دبي العقاري بـ(المحصن ضد التحديات والغني بالفرص). موضحة أن السوق يبقى قوياً رغم الاتجاهات المعاكسة المتمثّلة في قوة الدولار والدرهم، وتراجع أسعار النفط، فيما يزخر القطاع بالفرص للمستثمرين على الأجلين المتوسط والبعيد. وعلى الرغم من اتفاق الجميع على مرونة السوق إلا أن تبايناً يظهر بين الحين والآخر لجهة حجم تأثر السوق بالتقلبات حين حدوثها لاسيما تلك التي تجلت في أسعار النفط والدولار.
شراء
يرى مدير عام دائرة الأراضي والأملاك سلطان بطي بن مجرن أن قوة الدولار لا تعيق المستثمرين بل ربما تكون محركاً مهماً لقرار الشراء لأن العقار في النهاية قادر على حماية قيمة النقد على المدى الطويل. هذا إن لم يكن العقار الأكثر شعبية لدى كل من يريد الحفاظ على مدخراته على المدى البعيد سواء لشخصه أو لأفراد عائلته.
ولفت بن مجرن إلى حقيقة قائمة منذ عشرات السنين مفادها أن الإستراتيجية التي تتعامل بها الإمارة لاسيما فيما يتعلق بسهولة وسرعة تملك العقارات جعلت من المدينة مقصداً مهماً لأغلب الراغبين (سواء أكانوا أغنياء أو ميسورين) بالعيش بأسلوب مغاير ومميز لما عاهدوه في موطنهم.
وبلغة الأرقام يتحدث بن مجرن قائلاً: بالنسبة إلى الاستثمارات الأجنبية، فقد تجاوز حجمها حاجز 74 مليار درهم خلال العام 2015، ضخها 35 ألف مستثمر، وبلغ عدد جنسيات المستثمرين في قاعدة بيانات دائرة الأراضي والأملاك 150 جنسية خلال الفترة ذاتها. وبالأمس القريب استقطبت عقارات دبي خلال النصف الأول من العام الجاري استثمارات ضخمة بلغت قيمتها 57 مليار درهم من قبل 26 ألف مستثمر من 149 جنسية اختاروا دبي وجهة لاستثماراتهم وفقاً لإدارة الدراسات والبحوث العقارية في دائرة الأراضي والأملاك بدبي.
ملاذ
وأكد أحمد المطروشي العضو المنتدب لشركة إعمار العقارية أنه وعلى الرغم من الضجيج الإعلامي حول احتواء الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي تسببت بها السياسات المالية للولايات المتحدة الأميركية قبل 2008، إلا أن ما حدث ويحدث في أسواق المال والبورصات العالمية يؤكد الحرب الخفية بين الدول والبنوك المركزية العالمية الكبرى، على الاحتفاظ بأكبر قدر من السيولة المالية، في الوقت الذي تدور فيه رحى حرب ثانية بين العمـــلات العالمية الرئيسية (الدولار واليورو والجنيه الاسترليني والين الياباني واليوان الصيني والروبل الروسي) على القيمة.
وقال إن تلك الأنباء حول صعود هذه العملة وتراجع عملة أخرى تثير مخاوف الكثير من ملاك العقارات أو الراغبين بتملك العقارات لاسيما وأن العقارات في مقدمة السلع المتأثرة. لكن من وجهة نظرنا فإن تلك التقلبات ليست بالكبيرة على السوق العقاري على المدى البعيد. ونرى أن عقارات دبي على وجه التحديد تتمتع إلى جانب كونها ملاذاً اقتصادياً آمناً على المستوى العالمي بكونها أكثر جودة وأعلى قيمة رأسمالية وأرخص سعراً بكثير من عــقارات أسواق عريقة وعواصم شهيرة.
ميزة
من جهته قال نور العاصف أحد المسؤولين في شون العقارية إن أسعار الوحدات السكنية في دبي هي الأرخص حول العالم. وأضاف أن ميزة عقارات دبي أنها تسمح للمستثمرين من كل الجنسيات في تلك العقارات وفقاً للقوانين فقد لعب المستثمرون الأجانب دوراً مهماً في نمو السوق وكانوا ولا يزالون رافداً مهماً للقطاع العقاري في إمارة دبي واستحوذوا بالمجمل على نصيب الأسد من إجمالي الأموال التي استقبلها السوق منذ بدء تقلبات العملات العامين الماضيين. لافتاً إلى أن تقلبات العملات وتباطؤ النمو العالمي لن يعيقا نمو الثروات في العديد من الدول ومن المرجح أن يجد جزء من هذه الأموال طريقه إلى مدن مثل دبي. وهذا وجه اختلاف مهم عن 2008 حين قلصت الأزمة العالمية الثروات على مستوى العالم.
وقال مدير الأبحاث وتطوير الأعمال العالمية لدى كلاتونز، فيصل دوراني: في وقت سابق كان على المشترين والمستثمرين من خارج المملكة دفع نفس معدلات ضريبة مكتسبات رأس المال التي تُطبق على المشترين من داخل المملكة المتحدة (ابتداءً من أبريل 2015)، ولكن فرض معايير جديدة لضريبة الدمغة في لندن، مع ارتفاع الضريبة السنوية على المساكن المغلقة بنسبة 50٪، يشير إلى أن الحكومة قد قامت بهجمة ضريبية ثلاثية المحاور على المحرك الرئيسي للفئة العقارية الأكثر فخامة في السوق.
تقلبات
وقال رئيس مجلس إدارة الاتحاد العقارية خالد بن كلبان: من المهم أن نعلم بأن الأزمات الاقتصادية عندما تأتي فهي لا تأتي منفردة بل تأتي معها فرص نوعية وبالنسبة لنا تعاملنا مع تراجع أسعار الطاقة وتقلبات العملات العالمية على أساس أنها ميزة اقتصادية وتحدٍ في الوقت ذاته.
صحيح إن أسواق المال تأثرت لكن ذلك لن يدوم طويلاً، إذ لا يجوز التعامل مع الهزات الاقتصادية وكأنها نهاية العالم، لذا فإن الحد من تأثيرات تقلبات الأسعار في الأسواق المالية يعتبر من أهم السياسات التي تنتهجها الشركات في عملها اليومي. الهزة التي رافقت أسعار النفط مؤقتة ولن تطول ولن تترك آثاراً عميقة على مسيرة الاقتصاد في دولة الإمارات لا سيما وأنه متنوع المجالات وبالتالي تتنوع مداخيل الدولة ومداخيل القطاعين العام والخاص ولا تتجاوز نسبة اعتماده على النفط أكثر من30% وباقي المداخيل تتحقق من قطاعات مختلفة.
فالإمارات تمتلك القدرة على الاستمرار في مشاريعها المختلفة بالوتيرة السابقة نفسها إن لم تكن بوتيرة أعلى نتيجة الانتعاشات المتوقعة ومضيها في مشروعات البنية التحتية لاسيما المشاريع المرتبطة بتنظيم إكسبو 2020.
الأسعار
يرى العضو المنتدب لشركة داماك العقارية، زياد الشعار، أن أسعار دبي هي الأرخص حول العالم، حيث إن متوسط سعر القدم في أرقى مناطقها (منطقة وسط المدينة مثالا) يبلغ نحو 700 دولار، بينما هذا السعر يساوي نصف نظيره في بيروت ويعادل 30% من أسعار إسطنبول التركية، و50 في المئة أقل من أسعار بومباي الهندية، ورُبع سعر سنغافورة وعُشر سعر العاصمة البريطانية لندن، والتي يصل فيها سعر القدم في المناطق الراقية نحو 10 آلاف دولار، موضحاً أن دبي اليوم تعتبر أرخص بلد في العالم من خلال المعايير والجودة المستخدمة في الوحدات السكنية.
وقال الشعار نحن في داماك لا نواجه تراجعاً في الطلب بل عجزاً لجهة المقدرة على تلبيته إذ نبيع كل ما نطرحه خلال أيام إن لم يكن خلال ساعات، ولم يصادفنا في إطلاق المشاريع الجديدة ما يستدعي التوقف عند تقلبات العملة سواء أكان تــــصاعد قوة الدولار أو تراجع قيمة الروبل.
سياسة
قال خالد بن كلبان: إن شركة الاتحاد العقارية طرحت عقارات بأسعار تنافسية أقل مما عليه في السوق قبل التقلبات الاقتصادية العالمية الأخيرة، ولا نخشى من تراجع البيع على الخريطة. ففي حال تراجع البيع نقوم بتحويل تلك العقارات بعد إنجازها إلى محفظة الإيجارات ونحن نعلم بأن سوق الإيجارات مزدهر.
المصدر: البيان