تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد المصابين بداء السكري حول العالم، زار بمقدار أربعة أضعاف خلال العقود الثلاثة الأخيرة، من 108 ملايين عام 1980 إلى 422 مليون عام 2014، وهو ما يعادل زيادة في معدل الانتشار بين من تخطوا سن الثامنة عشرة من 4.7 في المئة حينها إلى 8.5 في المئة حالياً، كما تقدر المنظمة الدولية أن السكري يتسبب بشكل مباشر في 1.5 مليون وفاة سنوياً، بالإضافة إلى 2.2 مليون وفاة أخرى، تنتج من ارتفاع متوسط مستوى السكر في الدم، دون أن يكون هناك تشخيص إصابة بالسكري بشكل كامل.
وفي ظل الاتجاهات الحالية لزيادة معدلات الإصابة، يتوقع أن يحتل داء السكري المرتبة السابعة على قائمة جميع أسباب الوفيات بين أفراد الجنس البشري، بحلول عام 2030، وبخلاف الوفيات التي تنتج غالباً من إصابة مرضى السكري بالذبحة الصدرية أو السكتة الدماغية، يعتبر السكري من الأسباب الرئيسية والأكثر شيوعاً خلف الفشل الكلوي، وانفصال الشبكية وفقدان البصر، وبتر الساقين، والضعف الجنسي لدى الرجال، وغيرها من المضاعفات الصحية.
ويعتمد خط الدفاع الأول في علاج السكري، والوقاية من الإصابة به، على الغذاء الصحي المتوازن، والحفاظ على وزن طبيعي، وممارسة الرياضة والنشاط البدني، والامتناع عن التدخين، وإذا فشلت هذه الإجراءات، يُضاف إليها العلاج بطائفة متنوعة من الأدوية والعقاقير الطبية، أو اللجوء إلى الحقن بهرمون الإنسولين، وخلال الآونة الأخيرة أصبح هناك خيار إضافي للوقاية من السكري، وربما حتى تحقيق الشفاء التام منه في الكثير من الأحيان عبر مجموعة متنوعة من التدخلات الجراحية، تعرف بجراحات السمنة (Bariatric Surgery)، والتي كانت تستخدم أساساً لخفض الوزن. واختصاراً، تعتمد هذه الجراحات على مبدأين أساسيين، الأول: هو تصغير حجم المعدة من خلال الربط أو القص، مما يولد إحساساً بالشبع بعد وجبات صغيرة. والثاني: هو تحويل مجرى الطعام في الجهاز الهضمي، مما يقلل من قدرة الجسم على امتصاص غالبية الطعام، وامتصاص ما يحتويه من سعرات حرارية.
وبخلاف الفعالية الكبيرة لهذه الجراحات في خفض الوزن – 25 في المئة أو أكثر من الوزن الزائد- مع استمرارية الحفاظ على وزن طبيعي -على عكس نظم الحمية الأخرى، لاحظ الأطباء وقعاً هائلاً لجراحات السمنة على مستوى السكر في الدم، وتمكنها في أحيان كثيرة من تحقيق الشفاء التام لمرضى السكري.
ويرد جزء كبير من هذا التأثير الجانبي الحميد لجراحات السمنة، إلى ما تحدثه من انخفاض ملحوظ في الوزن، بالإضافة إلى تسببها في تغيير توازن وميكانيزمات عمل هرمونات الجهاز الهضمي المرتبطة بالإحساس بالجوع وبالشبع، وهو التغيير الذي يصل مداه إلى المراكز العصبية المركزية في المخ، هذا بالإضافة إلى تغييرات فسيولوجية وهرمونية أخرى تتعرض لها الأغشية المبطنة للجهاز الهضمي، وخصوصاً في المعدة، وإن كان الفهم والإدراك الكامل لهذا الجزء لم يتحققا بعد.
وبالفعل أظهرت الدراسات التي تابعت من خضعوا لجراحات السمنة لعدة سنوات، تمكنها من تحقيق خفض ملحوظ وكبير في الوزن، وفي الشفاء من السكري، وفي خفض عوامل الخطر المؤهلة للإصابة بأمراض القلب والشرايين، مع تراجع ملحوظ في احتمالات الوفاة من مضاعفات السمنة، ومن تبعات الأمراض والعلل التي تنتج عنها، وهو ما حدا بالعديد من الجهات الصحية المسؤولة عن وضع المعايير الطبية، وعن رسم السياسات العلاجية، بالتوصية بأخذ جراحات السمنة في الاعتبار عند تحديد الخيارات والتدخلات المتاحة لعلاج المصابين بالسمنة وبالسكري.
فعلى سبيل المثال، توصي المعاهد الصحية الوطنية في الولايات المتحدة (National Institutes of Health) بخضوع جميع الأشخاص الذين يبلغ أو يزيد مؤشر كتلة الجسد لهم عن 40 لأحد أنواع جراحات السمنة، وأحياناً حتى لكل من بلغ مؤشر كتلة جسده 35 فقط، إذا ما كان مصاباً بمرض آخر خطير كالسكري. ومؤخراً رجحت بعض الدراسات أن جراحات السمنة ذات فائدة جمة، حتى للأشخاص الذين لم يبلغ مؤشر كتلة الجسد لهم الحدود التي وضعتها معاهد الصحة الوطنية، وبداية من مؤشر كتلة جسد أكبر من 30. بمعنى أنه حسب هذه الدراسات، ثبت أن جراحات السمنة مفيدة في الحالات التالية: 1- كل من يتراوح مؤشر كتلة جسده ما بين 30 إلى 35، بشرط أساسي إصابته بمرض آخر خطير كالسكري. 2- كل من زاد مؤشر كتلة جسده عن 35، وخصوصاً إذا كان مصاباً بمرض آخر. 3- لكل من زاد مؤشر كتلة جسده عن 40، بغض النظر عما إذا كان مصاباً بمرض آخر أم لا.
المصدر: الإتحاد