مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
لا يجد المروجون والمسوقون والباعة، وسيلة لإقناع الزبائن بمنتجهم وبالتالي ضمان بيعه بيسر وسهولة، أفضل من عبارة (إنه الأكثر طلباً بين زبائننا / أو إنه الأسرع نفاداً، أو قد يفوتك الحصول على المنتج/ أو هناك قوائم تنتظر دورها) ..! إنها ثقافة أو خدعة (البيست سيللر) أو الأفضل مبيعاً، سواء كانت السلعة مغرفة آيس كريم أو عطراً فاخراً أو رواية! وما عليك سوى أن تصدق وتجري لاهثاً قبل أن يفوتك الحصول على نصيبك من الخدعة، أقصد من البضاعة التي غالباً ما تصطف أكواماً في المخازن!
حكت لي صديقة من مدة، أنها كانت تستخدم عطراً خلاباً بالفعل، كانت رائحته تضاهي عبق أكثر العطور الفاخرة والغالية، بينما ثمنه لم يكن يتجاوز الـ 50 درهماً فقط، وأظنها قالت لي إنه كان يباع في الجمعية التعاونية أو في الأكشاك التي تنتصب في ممرات المراكز التجارية، لكنه بعد مدة من تهافت الناس على شرائه أخذ ثمنه يزيد وبشكل مفاجئ وصل سعره إلى 500 درهم ثم أصبح من الصعب الحصول عليه، صار بيست سيللر وعليك أن تنتظر ضمن طابور المنتظرين!
وراء هذا العطر لعبة تسويقية واضحة، أن يباع بثمن بخس لضمان التعريف به وانتشاره والاعتياد عليه، فإذا اختفى فجأة يلهث المدمنون عليه بحثاً عنه ويقفون في الطوابير لأجله وتتحقق الأرباح، ما يذكر بخطة مجلة (مدام لوفيغارو) النسائية التي وزعت في فرنسا مجاناً ولمدة سنتين مع جريدة لوفيغارو، وحين اعتادت النساء عليها أعلنوا عن أسعار البيع والاشتراكات، فاقت الطلبات كل التوقعات!
في عالم الكتب، نتعرض يومياً لهكذا إعلانات، يقوم بها قراء وناشرو كتب وكتاب وزملاؤهم وأصحاب مكتبات يحاولون إقناعنا أن هذا الكتاب وهذه الرواية هي الأكثر مقروئية وطلباً، وأنها وصلت للطبعة الخمسين وأنها …. الخ ، ومع أنك تعرف ما ينتظرك إلا أنك تكذب حدسك وتصدق الترويج الكثيف، فتشتري الكتاب ويصدق حدسك، فماذا تفعل؟ لا شيء، فلا عزاء للقراء الذين يصدقون الإعلانات!
الأكثر مبيعاً ليس الأكثر جودة في عالم الكتب، هذه قاعدة.
المصدر: البيان