دعت الأمم المتحدة أمس، طرفي الصراع في اليمن إلى التزام قرار وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ منتصف ليل الأحد- الاثنين، في خطوة تهدف لإنجاح محادثات السلام المقررة في الكويت الاثنين المقبل ، مؤكدة أن
لا مجال لخسارة المزيد من الأرواح.ووجه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي القوات الموالية بالتزام وقف العمليات القتالية، فيما أعلن المتمردون الحوثيون وحزب المؤتمر الشعبي العام، برئاسة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، التزام وقف إطلاق النار.
وكانت قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، الداعمة لقوات الشرعية في اليمن، أكدت الليلة قبل الماضية التزامها الهدنة، مع احتفاظها بحق الرد على أي خرق، مؤكدة استمرارها في دعم الشعب اليمني والحكومة اليمنية في سبيل إنجاح المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية.
وطالب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أطراف النزاع باحترام الهدنة، معتبراً أنها «أساسية وملحة، ولا غنى عنها»، وأنه «لم يعد في إمكان اليمن السماح بخسارة المزيد من الأرواح».
وأقر قائلاً: «لا يزال هناك الكثير من العمل لضمان احترام كامل لوقف الأعمال القتالية واستئناف مباحثات السلام في الكويت»، وأن ذلك «يتطلب تسويات صعبة من الأطراف كافة وشجاعة وتصميماً للتوصل إلى اتفاق».
لكن الموفد الأممي رأى أن «التقدم المحرز يوفر فرصة حقيقية لإعادة إعمار البلد الذي عانى كثيراً من العنف منذ أمد بعيد» ، موضحاً
أن وقف الأعمال القتالية يتضمن بنوداً تسمح بالتنقل الآمن وغير المشروط للعاملين في الحقل الإنساني وبتوصيل المساعدات في كل أنحاء البلاد. وأضاف: «حان وقت التراجع عن الوقوع في الهاوية»، مشيراً إلى أن «التقدم الحاصل يشكل فرصة حقيقية لإعادة إعمار البلاد، وللتوصل إلى حل سياسي شامل في محادثات الكويت» المقررة في 18 أبريل الحالي.
وأكدت الحكومة اليمنية التزامها شروط وأحكام وقف الأعمال القتالية المقدمة من قبل الأمم المتحدة، وذلك في رسالة وجهتها إلى المبعوث الأممي الذي وصل أمس إلى الرياض، حيث التقى نائب الرئيس اليمني، الفريق الركن علي محسن الأحمر، ورئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر، وناقش معهما الوضع الميداني في البلاد بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ، والتحضيرات الجارية لمحادثات الكويت.
وقال نائب الرئيس اليمني: إن الرئيس عبدربه منصور هادي أصدر توجيهات لكل القادة العسكريين بتثبيت وقف إطلاق النار في الوقت المحدد، موضحاً أن هذه التوجيهات «تأتي إيماناً من الحكومة بضرورة إيجاد حل يُنهي الانقلاب، ويحقن دماء اليمنيين التي أهدرتها الميليشيات، والتزاماً منها بما أبلغت به مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة بالموافقة على وقف إطلاق النار». وأطلع الفريق الأحمر المبعوث الأممي على خروقات ميليشيات الحوثي وصالح في الساعات الأولى من الهدنة، وخصوصاً في محافظة تعز جنوب غرب البلاد، مشيراً إلى أن ذلك «يتطلب ضغوطاً أكبر من الأمم المتحدة لكبح جماح الانقلابيين ووقف رغبتهم في ممارسة القتل، والتأكيد على ضرورة تنفيذ القرارات الأممية، ومنها القرار 2216»، الذي يلزم الميليشيات المتمردة الانسحاب من المدن التي استولوا عليها، لا سيما العاصمة صنعاء، وتسليم السلاح والعودة للعملية السياسية الانتقالية المتعثرة منذ مطلع 2014.
من جانبه، أكد مبعوث الأمم المتحدة أهمية أن تُبدي جميع الأطراف في اليمن حسن نواياها في الرغبة إلى التوصل إلى حل في المشاورات القادمة بدولة الكويت، مجدداً موقف الأمم المتحدة الثابت في دعم الشرعية ورفض الانقلاب.
بدوره، أكد رئيس الوزراء اليمني، لدى لقائه المبعوث الأمني، التزام الحكومة الشرعية بقرار وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن «المؤشرات الأولى للهدنة تبدو جيدة». وقال:«نريد سلاماً دائماً يحقق آمال كل اليمنيين، ويكون السلاح بيد الدولة فقط، وليس بيد أطراف أخرى»، مضيفاً:«نريد الخروج من هذه الأزمة، ونتمنى بأن الطرف الآخر قد استوعب الدرس. لا نحتاج سنوات لإحلال السلام، وإنما نحتاج إلى صدق النوايا». وأكد ولد الشيخ موقف المجتمع الدولي المساند لليمن في ظل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها، مشيراً إلى أن محادثات السلام بين الفرقاء اليمنيين في الكويت ستكون تحت مظلة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216.
وقال: إن «النقاط الخمس التي سبق الإعلان عنها ستكون هي المحور الرئيسي لمشاورات الكويت»، معرباً عن تفاؤله بنجاح الهدنة التي تشير مؤشراتها الأولية من الجبهات بأنها جيدة.
وتتمثل النقاط الخمس في انسحاب الميليشيات من المدن الرئيسية، تسليم السلاح، الترتيبات الأمنية، الحل السياسي الذي يفضي إلى استعادة الدولة واستئناف الحوار، وإنشاء لجنة لتحرير السجناء والأسرى.
وقال وزير الخارجية اليمني، عبدالملك المخلافي، إن الحكومة الشرعية قدمت كل ما يمكن لضمان وقف إطلاق النار وتخفيف المعاناة عن الشعب اليمني، والتوجه إلى الكويت، في ظل أجواء إيجابية، «على أمل أن يلتزم الطرف الآخر كل الشروط والاتفاقات التي وقعت». وذكر المخلافي في تصريح نشرته الوكالة الرسمية إلى أن ممثلين عن الحكومة والمتمردين الحوثيين وقعوا مجموعة من الاتفاقيات بشأن الأوضاع في المحافظات التي تشهد مواجهات مسلحة، وذلك في لقاء جمعهم في منطقة ظهران الجنوب، جنوب السعودية، برعاية قيادة التحالف العربي.
وأوضح أن هذه الاتفاقيات «من أجل وقف العمليات القتالية، وفك الحصار عن المدن المحاصرة، والسماح للمواد الغذائية والأدوية بالدخول إلى هذه المناطق». وقالت مصادر إعلامية إن العميد عسكر زعيل، أحد أبرز مساعدي نائب الرئيس اليمني الفريق الركن علي محسن الأحمر، والناطق باسم الحوثيين محمد عبدالسلام، وقعا الاتفاقيات التي قضت لجان عسكرية بالمناصفة لمراقبة وقف إطلاق النار في المحافظات المضطربة.
وأعلنت جماعة الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام، برئاسة صالح، في بيان مشترك أمس، التزام وقف إطلاق النار، «بما يضمن إيقاف كل الأعمال القتالية والعمليات والتحركات العسكرية البرية والبحرية والجوية»، وعبرا عن أملهما في التزام الطرف احترام وقف إطلاق النار، «والتزام متطلباته فور دخوله حيز التنفيذ».
كما أعلن المتحدث باسم القوات الموالية للمتمردين الحوثيين، العميد الركن شرف غالب لقمان، «التزام الجيش واللجان الشعبية وقف إطلاق النار، مع احتفاظنا بحق الرد في مواجهة أي خروقات».
المصدر: صحيفة الإتحاد