باحثة و مراجعة أكاديمية للمجلة الكندية للاتصالات و طالبة دكتوراه في جامعة كارلتون بكندا. عضو في جمعية الاتصالات الكندية وكذلك جمعية الدراسات الثقافية من جامعة بيتسبرج. شاركت في مؤتمرات مختلفة من بينها مؤتمر الاقتصاد السياسي و مؤتمر جمعية الثقافة الشعبية الكندية
تداولت الصحف وبعض وسائل الإعلام في الأسبوعين الماضيين خبر عن دراسة كندية أجراها باحثون من جامعتي مونتريال وأوتاوا ونُشرت في مجلة الدين والعلوم الفرنسية ، تنص تلك الدراسة بأن الأم تيريزا كانت بعيدة عن النزاهة ونكران الذات التي ارتبطت بها ارتباطاً شديداً حتى أصبحت رمزاً عالمياً للبذل والإيثار ونالت لأجل ذلك جائزة نوبل للسلام، فقد كانت منازل رعاية المرضى التي أدارتها تعاني من فوضى و من نقص في المواد اللازمة واجراءات الصحة الضرورية، وافتقرت لمسكنات الألم حتى في أصعب الحالات وذلك لأن في منظور الأم تريزا أن “هناك شيء جميل في رؤية المساكين يقبلون بقدرهم ويعانون كما عانى المسيح فالعالم يستفيد الكثير من معاناتهم”.
استنتجت الدراسة إلى أن أسطورية الأم تيريزا أتت من حملة إعلامية مكثفة أظهرتها كرمز من القدسية والطهارة بينما كان في وسع وسائل الإعلام التي تناقلت أخبارها وأعمالها الخيرية أن تكون أكثر دقة في التحري ونقل الخبر.
ما استوقفني في الدراسة هي الرابطة الوثيقة بين تقديس الأشخاص ونسبة المعاناة والألم ، فقد أُجزم بأن العلاقة بينهما تكاد تكون نسبية، أي أنه كلما ازدادت قدسية أشخاص كلما حكمنا بزيادة معاناة أشخاص آخرين.
فلو كانت وسائل الإعلام والفاتيكان والحكومة الهندية أشد رقابة وأكثر تحري في نقل ماكان يجري في منازل الرعاية لربما سعت مؤسسة الأم تيريزا للعناية أكثر بتلك المنازل ، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن مؤسستها الخيرية كانت تستلم الكثير من التبرعات وهي نقطة أخرى أثارتها الدراسة حيت تساءلت عن مصير تلك المبالغ الهائلة التي حصلت عليها المؤسسة.
يستحق أشخاص في المجتمع أن نعترف بإنجازاتهم وأعمالهم، مالا يستحقونه هي القدسية خصوصاً عندما يملكون قوة وسلطة اجتماعية أو دينية أو سياسية، فالقدسية تعني التوقف عن التحري ومراقبة مماراستهم وتسليم مصير رعاياهم إلى المجهول ، فنحكم على أشخاص بالقدسية وآخرين بالألم والإهمال ونحن غير مدركين لهذه النتيجة السلبية والمؤلمة لممارساتنا التقديسية للأفراد.
خاص لـ ( الهتلان بوست )