كاتب مصري
التقرير الأخير للمركز التنموي الدولي (IDC) الأوروبي وضع مصر في المرتبة الأولى عالمياً في كم الاحتجاجات الشعبية ضد النظام، وبفارق يتعدى الضعف عما يليها من البلدان الأخرى، وجاء في التقرير أن أكثر من 80٪ من هذه الاحتجاجات من فئات شعبية غير سياسية من عمال وموظفين في مؤسسات مختلفة، وذكر التقرير أن الاحتجاجات وصلت للمؤسسات السيادية مثل القضاء والأمن والجيش وغيرها.
هذا الوضع الذي وصلت إليه مصر لا يخفى على أحد داخلها أو خارجها، وبعد حملة الانتقادات التي شنها البرلمان الأوروبي على نظام حكم الإخوان في مصر وإعلانه الامتناع عن تقديم أية مساعدات لمصر، بدأت مؤشرات الاعتراضات والانتقادات تظهر في الولايات المتحدة على المستويين السياسي والإعلامي.
الأمر الذي جن معه جنون الإخوان في مصر الذين يحاولون بدأب شديد أن يثبتوا لواشنطن جدارتهم بالحكم وبأنهم عند حسن ظنهم وظن إسرائيل بهم، ولكن من الواضح أنهم متورطون لدرجة غير عادية في الفشل في إدارة الأمور، الأمر الذي من المتوقع معه أن يفعلوا أي شيء ليشغلوا الرأي العام المحلي والعالمي عنهم.
حتى لو أشعلوا فتنة طائفية حادة بين المسلمين والمسيحيين، ويبدو أن تمسكهم بالنائب العام “غير الشرعي بحكم المحكمة” إنما بهدف الإعداد لحملة اعتقالات واسعة تطال شخصيات عامة كثيرة، ولا يجرؤ عليها إلا النائب العام الحالي التابع لهم. الإخوان في مصر في ورطة أكبر من ورطة مصر نفسها، فقد باتوا محاصرين من كل الجهات، والشارع كل يوم يزداد اشتعالاً ضدهم في جميع مدن مصر.
ولا سبيل لديهم للتراجع ومحاولة التهدئة بعد أن انعدمت ثقة الشعب المصري فيهم تماماً، بما في ذلك الذين يؤيدونهم سراً أو علناً، تعاطفاً معهم أو رفضاً لخصومهم، حتى حلفاؤهم السابقون السلفيون بدأوا ينفضون عنهم ويتبرأون منهم، ولا خيار أمام الإخوان سوى تفجير الأوضاع. كل من يدعم الإخوان في مصر من الداخل أو الخارج أصبح يتشكك كثيراً في قدرتهم على الصمود.
وهم أيضاً أنفسهم باتوا يشكون كثيراً في ذلك، وهذا ما يبدو من التوتر الواضح في خطاباتهم الأخيرة والتي تحولت إلى مزيج من التهديد والوعيد والترهيب. في مثل هذه الحالات، عندما يواجه نظام حاكم مأزقاً كبيراً لا يستطيع التعامل معه فإن الخيار الأفضل له ترك الحكم.
لكن الإخوان لن يفعلوا ذلك أبداً، لسبب معروف، وهو علمهم بأن هذا سيكون النهاية الأكيدة لهم، وأن الشعب لن يسامحهم أبداً على الجرائم البشعة التي ارتكبت خلال الفترة الماضية من حكمهم، وسيحملهم مسؤولية الدماء التي سالت في الشوارع.
الآن لا يشك عاقل في فشل الإخوان في إدارة البلاد، ولا أمل في إصلاح الأوضاع مع استمرارهم في الحكم، الأمر الذي يعني أن مصر مقبلة على منعطف خطير للغاية، والخروج من هذا المنعطف بأقل قدر من الخسائر يحتاج إلى معجزة من عند الله، ويحتاج إلى حكمة كبيرة لدى القوى السياسية الأخرى في التعامل مع تطورات الأحداث وعدم اللعب بمشاعر العامة، ويبقى الدور الأكبر للأزهر والكنيسة المصرية في وأد الفتنة الطائفية.
المصدر: البيان