رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
لو استطاع العالم العربي فهم رسالة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، واستيعابها بشكل صحيح، لتجاوز أصعب وأعقد المشكلات الحادة التي تعصف بدوله حالياً، ورسالة سموه ليست معقدة بل بسيطة وواضحة لكنها تحتوي على الحل السحري والجذري لكل المشكلات الناجمة عن التطرف والإرهاب والتشدد والطائفية البغيضة.
لو تعلم العالم العربي المبدأ الذي علمنا إياه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، لأصبحت الحال أفضل بكثير مما نحن عليه اليوم، لقد علمنا مبدأ سامياً حضارياً راقياً مختصراً في البيت الشعري التالي:
علمنا أن الإرهاب ضعف..
والحرف قوة..
والحرف هنا هو العلم والتعلم بالقراءة، لذا فلا غرابة أن يُطلق سموه أهم مبادرة على الإطلاق، يشهدها العالم العربي في هذا الوقت العصيب، هذه المبادرة التي تبعث الأمل بعد الكآبة، وتُشعل النور في النفق المظلم، الذي تسير فيه الشعوب العربية باتجاه مستقبل غامض، مبادرة «تحدي القراءة العربي»، التي تسعى إلى استعادة الحضارة العربية، من خلال الأمر الإلهي الخالد «اقرأ»، وتسعى إلى تجهيز جيل عربي واعد ومتفهم ورزين، جيل لا يستطيع أحد التحكم في عقله وتسييره عن بُعد، لأن العقول حينها ستكون محصنة بالعلم والقراءة، ولا مكان فيها للحشو الرديء.
ليس سهلاً أن يجتمع العرب على كلمة سواء، وليس سهلاً ترميم الأزمات والفواجع التي مرت بها الدول العربية، وليست سهلة محاربة ومكافحة التطرف والتشدد والإرهاب، بعد أن تمكن أتباعه من السيطرة على كثير من العقول الصغيرة والتدليس عليها، ومع ذلك استطاعت مبادرة تحدي القراءة أن توحد الشباب العربي على عمل حضاري نافع، واستطاعت أن تصل إليهم في مدارسهم وقراهم الصغيرة وأحيائهم وبيوتهم، استطاعت أن تستقطب سبعة ملايين و400 ألف طالب، بإشراف 75 ألف مشرف ومنسِّق، وأن تدخل إلى 41 ألف مدرسة، وأن توحد 15 دولة عربية، ألا يعتبر ذلك إنجازاً حقيقياً؟! وهل بالغت في وصفي لهذه المبادرة بأنها أهم مشروع عربي على الإطلاق في هذا الوقت العصيب؟!
دول العالم أجمع تصرف اليوم مليارات الدولارات، لشن حرب على الإرهاب في كل مكان، لكن مثل هذه الحروب لن تؤتي ثمارها ما لم نكافح الإرهاب بدحر أفكاره، ودحر الأفكار يبدأ من العقول الصغيرة، من المدارس، حيث تبدأ عمليات التحصين، والتحصين لا يأتي إلا من خلال توجيه الطفل نحو القراءة، فيغذي بها عقله، ويحصن فكره ونفسه، عندها لا يمكن لأي فكر متطرف أن يستولي ويسيطر عليه!
هذا ما فعله محمد بن راشد، وهذا ما نجح فيه بامتياز، ولذلك أعلن خلال حفل «تحدي القراءة»، أن المرحلة التالية ستكون موجهة إلى العرب كافة في دول المهجر، حيث ينشط الإرهاب في السيطرة على العقول، وحيث يجد المتطرفون ألف مدخل ومدخل للتغرير بالشباب العربي، لذلك فالمواجهة معهم تبدأ باستقطاب الصغار نحو القراءة وتشجيعهم عليها، حتى يكونوا جداراً منيعاً في وجه هؤلاء المتطرفين الذين دمروا العالم بفكرهم الملوث، واختطفوا الإسلام وشوهوا سمعته، وجاء الوقت لمكافحة فكرهم، واستعادة الحضارة الإسلامية الحقيقية، من خلال العودة إلى تكوين أمة تقرأ.. وتستوعب ما تقرأ!
المصدر: الإمارات اليوم