رئيس تحرير صحيفة الرؤية
يقولون إن المرأة الإماراتية تعيش عصرها الذهبي، ويقولون إن المرأة الإماراتية هي المدللة في وطنها من بين نساء دول المنطقة والعالم في ظل قيادة تؤمن بقدراتها، ومجتمع يشجع إبداعاتها، ورجل لا يتوقف عن دعمها … ونقول إن المرأة الإماراتية هي الذهب ومعدنها أغلى من الذهب.
والمرأة الإماراتية لم تكن متميزة ومختلفة فقط منذ قيام دولة الاتحاد قبل 44 عاماً، وإنما قبل ذلك بقرون، فمنذ أن استوطن الإنسان هذه الأرض كان أهلها دائماً متميزين، والمرأة تعيش على هذه الأرض متميزة ومختلفة عن بقية النساء بتحملها ظروف الحياة القاسية ومواجهة التحديات الصعبة مع مجتمعها، وبحبها لأسرتها واحترامها لعاداتها وتقاليدها .. وهي المرأة التي تعمل إلى جانب زوجها في حِلّه، سواء كانت بدوية أو حضرية، وهي الأمينة على بيتها في غياب زوجها في ترحاله، ورحلات الغوص، أو خلال رحلاته البرية.. لذا لا نبالغ عندما نقول إنها ذهب ومعدنها أغلى من الذهب.
اليوم أصبح لهذه المرأة ذهبية المعدن يوم نحتفل فيه بها كل عام، يوم يقدرها فيه مجتمع الإمارات، فيذكر إنجازاتها ويشكر خدماتها ويقدم لها الورود شكراً وامتناناً، إنه يوم الثامن والعشرين من أغسطس من كل عام.
وليكن يوم فخر لها، ترى فيه تقدير وعرفان المجتمع لها كزوجة وأم وامرأة عاملة… فلا نحتفل اليوم بنسائنا فقط لأنهن عاملات، بل نحتفل بهن أيضاً كأمهات عاملات، وزوجات يقفن إلى جانب أزواجهن.. بل وحتى كأمهات تفرغن ليربين أطفالهن وينشئن جيلاً من الأبناء الصالحين القادرين على إكمال مسيرة بناء هذا الوطن.
وكما يقول المثل الأميركي «يبني الرجل المنزل وتبني المرأة البيت».. وهنا تأتي فلسفة التوازن بين الجنسين، فكل طرف له دور، ولكنْ هناك دور أيضاً على الدولة والمجتمع، بأن يقدما الدعم والرعاية والتقدير للمرأة… لتستمر في تقديم الرعاية والاهتمام لأسرتها وأبنائها ووطنها.
وفي هذه السنة الأولى للاحتفال بيوم المرأة الإماراتية جميل أن يكون احتفالنا بأخواتنا المنضويات في صفوف القوات المسلحة، فقد كان هذا العام عاماً مميزاً للمرأة الإماراتية العسكرية، ابتداءً من مشاركة الرائد طيار مريم المنصوري في عمليات الحرب ضد داعش، والتي يفتخر بها كل إماراتي وعربي، وكلما شاهدنا صورها زدنا فخراً بأن إنجازات بنت الإمارات لم تبق فقط على الأرض، وإنما حلّقت أيضاً في عنان السماء بسرعة طائرات (F16) في الإنجاز والانطلاق، وبإتقان يحسدنا عليه كل من حولنا..
وعندما نادى المنادي برصّ الصفوف للالتحاق بالخدمة الوطنية، كانت ابنة الإمارات في المقدمة أيضاً، وعلى الرغم من أن هذه الخدمة اختيارية بالنسبة إليها إلا أنها تعرف تماماً أنه لا خيار في حب الوطن، ولا تردّد في تلبية نداء الواجب.. فرفعنا رؤوسنا عالياً بأخواتنا المجندات في الخدمة الوطنية… أما أكثر المشاهد التي هزّتني وهزّت الكثيرين من القلب، فهو مشهد طابور عرض مجندات القوات المسلحة والشرطة في احتفالات الدولة باليوم الوطني، لقد كانت لوحة من الانضباط والنظام الذي لم يكن يقلّ، أو يختلف عن انضباط إخوانهن المجندين من الرجال.
أما الدستور والقانون فيحفظان للمرأة كامل حقوقها، فقد نص دستور دولة الإمارات على أن المرأة تتمتع بكامل الحقوق التي يتمتع بها الرجل، وفي كل القوانين التي تصدر في الدولة يكون للمرأة نصيب، فلا يكاد يخلو قانون من ذكر المرأة ما دام لها حق ولو كان بسيطاً.
المرأة في الإمارات تحصل على وضعها الطبيعي في وقته، فحقوقها السياسية حصلت عليها مع أول انتخابات للمجلس الوطني الاتحادي، والجميل أن حصولها على هذا الحق رافقه دعم للتمتع به، فكان المجتمع داعماً لها في الفوز في أول انتخابات برلمانية، ولم يكن ذلك بدعم النساء فقط، بل كان الرجل داعماً قوياً لها..
وفي توليها المناصب القيادية، كذلك لم تتأخر كثيراً، فعندما أصبحت المرأة الإماراتية مستعدة لتولي المهام الكبيرة ، والمجتمع مستعداً صارت المرأة وزيرة، بل ويضم مجلس الوزراء اليوم أربع وزيرات، بالإضافة إلى وكيلات الوزارة والمديرات التنفيذيات والسفيرات والقاضيات ووكيلات النيابة، وغيرها من المناصب التي لم تعد حكراً على الرجال.
وبعد أربعين عاماً من تأسيس الاتحاد النسائي العام الذي كان في 1975 يأتي اليوم الذي يتم فيه تخصيص يوم للاحتفال بالمرأة وإنجازاتها، فلم تستعجل المرأة الاحتفال بها، بل انتظرت حتى تكتمل الصورة، وتنضج الثمار لتجني ما زرعته، وليرى الآخرون الصورة كما تراها هي.
أما تخصيص احتفال هذا العام بالمرأة العاملة في القوات المسلحة، فهو احتفال بالبطولة والشجاعة والتضحية، وهو افتخار بأخوات خولة بنت الأزور، وحفيدات الخنساء، ففي ميدان القتال لم تكن المرأة أقل عطاء وإخلاصاً وإنتاجاً وتضحيةً، فاستحقت التقدير والثناء. وأثبتت ابنة الإمارات أنها عنصر أساسي وفعَّال في المجتمع، وأنها اليد الثانية في البناء، والنصف الآخر من العقل الإماراتي الذي يساهم في التنمية الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المجتمع.
ومما نجحت فيه نساء الإمارات أنهن استطعن أن يخلقن نماذج نسائية ناجحة تتطلع إليها فتيات الإمارات، ويحلمن بأن يصبحن مثلهن في يوم من الأيام، و«أم الإمارات» سمو الشيخة فاطمة، حفظها الله ورعاها، هي النموذج الأول في العطاء والبذل، وهي القدوة في سمو الخلق والتعامل مع الجميع، وهي نموذج واضح وقدوة حقيقية للأم والسيدة العاملة التي قدمت لمجتمعها وبنات وطنها، وفي الوقت نفسه ربَّت أبناءها، فأحسنت تربيتهم، فقدمت النموذج الذي يستحق أن يتّبع.
وبين نساء الإمارات نماذج في كل المجالات التربوية والتعليمية والسياسية والاقتصادية، وفي العمل العام، وتربية الأبناء والتضحية، وهؤلاء من يجب تسليط الضوء عليهن، فالنماذج الناجحة والمشرفة يجب أن يعرفها الجميع ليقتدي بها.
*بين نساء الإمارات نماذج في كل المجالات التربوية والتعليمية والسياسية والاقتصادية، وفي العمل العام، وتربية الأبناء والتضحية، وهؤلاء من يجب تسليط الضوء عليهن
*عندما نادى المنادي برص الصفوف للالتحاق بالخدمة الوطنية كانت ابنة الإمارات في المقدمة أيضاًً
*اليوم أصبح لهذه المرأة ذهبية المعدن يوم نحتفل فيه بها كل عام، يوم يقدّرها فيه مجتمع الإمارات
المصدر: صحيفة الإتحاد