في الإمارات، يزرع الإنسان في كل صباح زهرة الولوج إلى الحياة، مستدعياً الأثر الطيب في العلاقة بين الإنسان والإنسان، وبين الإنسان وهذه الأرض التي هي الخيمة، وهي النعمة، وهي الغيمة، وهي النجمة التي تضيء فناء القلب بمصابيح الحب، وتجعل من الحياة باحة خضراء مزروعة بالفرح، تترعرع في حقولها غزلان الأمل والتفاؤل برحلة طويلة تمتد إلى الأفق، مشفوعة بتلاحم الناس أجمعين، وتضامن يحوِّل الحياة إلى مغزل قماشة الحرير، والأيدي عناقيد ترفع الثمار الطيبة، ويدلي الطير بتصريح صريح، بأن هذا البلد، هذه الإمارات، المكان الأوفر حظاً لانتماء الإنسان لإنسانيته والزمان الأجدر بأن يحفظ الود بين التاريخ ومن يكتبون سطوره على صفحات تضاريس وطن، استمد مكانته من تمكينه للإنسان بأن يأخذ بزمام الطموحات ويذهب بعيداً نحو بيت المستقبل، ويطرق أبوابه بجرأة وجدارة، ويقول، هذا أنا أحببت الناس جميعاً، فأحبوني ووضعوني بين الرمش والرمش، وصرت في العالمين العلامة المميزة لرخاء المشاعر وثراء المعاني وغنى الإرادة.
هكذا استطاعت الإمارات أن تصنع غد الإنسان، مكللاً بقدرات عقلية ونفسية فائقة، عندما نقرأ السطور وما بينها نجد أن لهذه الفرادة تاريخاً ممتداً منذ البناء الأول لدولة الاتحاد وحلم الباني المؤسس، رحمه الله، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته، وعلى أثره ومآثره تمضي القيادة الرشيدة مؤزرة بكم هائل من القيم الأخلاقية، وشيم الناس النبلاء، وتقاليد أهل هذا الوطن وعاداتهم وعرفهم، وكل ما جادت به الصحراء النبيلة، وكل ما أغدقت به النخلة وما طوقت به الغافة أعناق الإنسان هنا على هذه الأرض.
أينما توجد صرخة تجد صداها في الإمارات، عالي النبرة، وتجد الرد سريعاً، فإغاثة الملهوف، وإسعاف المكلوف، حق وواجب في عرف السياسة الإماراتية، وهو غاية في حد ذاتها لإكمال سلسال الذهب الذي ترنو الإمارات لوضعه على عنق وجيد، لأن الحياة حفلة فرح، وما التعاسة إلا نتيجة ذلك الشرخ الوسيع الذي غرسته سكاكين الكراهية ومبعثها إنسان بغيض وكائن أعمى لا يرى غير الشر لإقناع نفسه أنه الأقوى.
هذه هي النظرية الوجودية التي تؤمن بها قيادتنا الرشيدة، وهي أن الحياة لا تكتمل دورتها الصحيحة والحقيقية إلا بتضافر الجهود من أجل إزالة قشرة التعاسة، وصقل برتقالة العمر بمرهم الحب.. الحب وحده الذي يمحق بذور الحقد ويزيل عن كاهل البشرية آثار الدمار الأخلاقي، ويشفي القلوب من تشققات الكرب، ويزيل آثار الحروق إثر المعارك وصراعات الأنانية التي تملأ القلوب الضعيفة والنفوس المريضة والعقول الخاوية.
المصدر: الاتحاد