ليس في نيتي التطرق في هذه الكلمات إلى الإنجازات الإنسانية التي حققتها دولة الإمارات خلال الخمسين عاماً الماضية، حتى باتت بيئة جاذبة للعيش فيها لكل الجنسيات في العالم. وموقفي من عدم التطرق ليس فقط لأن المساحة المخصصة للكتابة لا تتسع لهذا العمود بل لا توجد أي مساحات لحصرها في كيفيتها أو كميتها ولكن أسعى فقط إلى تقديم قراءة استشرافية لخطة الإمارات للخمسين السنة المقبلة، انطلاقاً من المحور الرئيسي لنجاحاتها الماضية وهو الاهتمام بالإنسان والتركيز عليه.
من أجمل السياسات التي تدشن بها الإمارات الخمسين السنة اللاحقة الإعلان عن إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في إشارة صريحة إلى أنها متمسكة بنهجها ورؤيتها التقليدية، التي وضعها مؤسس الدولة قبل خمسين عاماً بأن الاستثمار الحقيقي للأوطان هو التركيز على الإنسان، لذا كانت الإمارات دولة استثنائية خلال الفترة الماضية.
ولو وسعنا دائرة الإعجاب بقرار تأسيس الهيئة، فإن منهجية عملها تواكب الأساليب والممارسات العالمية باعتبارها قضية عالمية ولها طرقها في التعامل والمعروفة بـ«مبادئ باريس» وليست شأناً داخلياً لكل دولة، لذا جاء الإعلان متضمناً تشكيل مجلس الأمناء وهو ما يحول الاهتمام بالشأن الإنساني ليكون عبارة عن عمل مؤسسي تتابعه جهة مخصصة في الدولة بكل تفاصيلها.
لا تحدث نقلة الاهتمام بالإنسان في الإمارات دون أن تكون هناك رغبة من القيادة السياسية
المؤكد أن مسألة اهتمام الإمارات بالإنسان ليست جديدة، وهذا ليس خطاباً إعلامياً داخلياً وإنما هي سياسة يدركها الرأي العام العالمي وكل المؤسسات التي لها علاقة بهذا الشأن، ويكفي استضافتها لأكثر من 200 جنسية على أرضها للدلالة على احترامها لكرامة الإنسان وحقوقه، إلا أن الإعلان عن هذه الهيئة الوطنية لا يبتعد عن وضع التجربة الإماراتية في هذا المجال وخبراتها أمام المجتمع الدولي فقط وإنما للاستفادة منها، فهي بين مصاف الدول التي كان لها الأسبقية في هذا المجال.
لا يمكن أن تحدث مثل هذه النقلة في مجال الاهتمام بالإنسان في الإمارات لتكون برؤية عالمية وتتوافق مع المعايير التي تم وضعها لتشارك بها باقي المجتمعات الإنسانية التي تعتمد على أساليب الإقناع والتأثير دون أن تكون هناك رغبة من القيادة السياسية، التي لا تكتفي فقط بالاهتمام بمواطنيها وإنما دائماً ما تسعى لأن تدفع إلى المزيد من الأفعال والأعمال التي تحفظ للإنسان في العالم كرامته.
تكاد تكون الإمارات بين الدول القليلة في العالم التي تطالب بمزيد من الجهد لمساعدة الإنسان، ويكفي أن نستذكر جهودها خلال أزمة كوفيد-19 ووقفتها مع الإنسان في العالم لندرك مدى اهتمامها الذي توليه للإنسان.
المصدر: الرؤية