حلت دولة الإمارات في المرتبة الرابعة بين دول الاتحاد العالمي لمجالس التنافسية، من حيث القدرة على الابتكار، بحسب تقرير القدرات الابتكارية للدول الصادر عن “انسياد”.
وقال التقرير، إن الإمارات تتميز بقدرتها على الحصول على المعرفة والموارد التي تحتاج إليها؛ نظراً لوجود بنية تحتية متقدمة لتقنيات المعلومات والاتصالات والثقافة السائدة في استخدام هذه التقنيات، مع وجود إطار تنظيمي داعم يشجع الأعمال والتجارة الدولية.
وبين التقرير أن دولة الإمارات لديها سجل متنوع من مرتكزات الابتكار الخمسة، والمتمثلة في القدرة على الحصول على المعرفة، وترسيخها، ونشرها، وخلقها واستغلالها، والتي تمكن الاقتصادات عبر اعتمادها من توليد قيمة اجتماعية واقتصادية جديدة.
ويقارن التقرير بين ثمانية أعضاء لاتحاد مجالس التنافسية العالمية ضمن المحاور الخمسة للقدرة على الابتكار من حيث قدرات تلك الدول وأدائها وكفاءتها، حيث أظهرت الدول المختارة للمقارنة (وهي أستراليا، البرازيل، مصر، كوريا الجنوبية، روسيا، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، الولايات المتحدة الأميركية) مجموعة متنوعة من النماذج التي تعمل بشكل مختلف بسبب عوامل عديدة لا تقتصر على قدراتها على الابتكار مثل: الموقع، والطبيعة، وتوافر الموارد، وحجم السكان، والاندماج العالمي.
معارف جديدة
ووفقاً للتقرير، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة، جنباً إلى جنب الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا وكوريا الجنوبية، في مقدمة الدول الأخرى من حيث قدرتها على الحصول على معارف جديدة من جميع أنحاء العالم. وبالرغم من ذلك، فإن أداء اقتصادات الدول ذات المصادر الغنية، كالإمارات العربية المتحدة وأستراليا، ورغم أنها تتمتع بقدرات عالية في هذا المجال، تظهر أداء متواضعاً في هذا الصدد نوعاً ما بسبب ارتفاع نسبة الموارد الطبيعية في التبادل التجاري لديها.
ومن حيث القدرة على “ترسيخ المعرفة”، تظهر الولايات المتحدة وأستراليا والإمارات بوصفها أكثر الأماكن جاذبية للمواهب والاستثمارات الأجنبية، أداء عالياً سواء من حيث قدراتها الكامنة وأدائها الفعلين، حيث أشار التقرير إلى فاعلية دولة الإمارات في هذا المحور بشكل خاص. وأشار التقرير إلى أن الاقتصادات الصناعية كالولايات المتحدة الأميركية وكوريا الجنوبية وأستراليا رائدة في قدرتها على نشر معارفها إلى أجزاء مختلفة من اقتصاداتها، في حين أن البلدان الغنية بالموارد، باستثناء الإمارات والسعودية، لايزال لديها مجال يتطلب التحسين في هذا الصدد. ومن حيث القدرة على خلق المعرفة الجديدة محلياً، لاتزال الولايات المتحدة الرائد الأقوى في حصيلة المعرفة، وتجاريها في ذلك دول صناعية أخرى كأستراليا وكوريا الجنوبية، فالولايات المتحدة جاءت أيضاً في المقدمة بوضوح من حيث استغلال المعرفة وتجاريها الإمارات وأستراليا وكوريا الجنوبية.
وأشار التقرير إلى العديد من العوامل التي تدعم قدرة الإمارات في الحصول على المعرفة، وتسمح لها بالتواصل والارتباط مع شبكات المعرفة والابتكار الدولية، وكذلك مع الأسواق المتقدمة.
ترسيخ المعرفة
وفيما يتعلق بقدرة الإمارات على ترسيخ أنشطة خلق القيمة، أشار التقرير الذي حمل عنوان” القدرات الابتكارية للدول.. خمسة مقاييس للأداء، فإن الإمارات أبدت قدرات قوية نسبياً على ترسيخ المعرفة، وبينما تأتي في المرتبة الثانية والستين عالمياً، فإنها تحتل المرتبة الرابعة بين دول الاتحاد، أما من حيث القدرة على الابتكار بشكل عام، لا سميا أنها تحتل المرتبة الـ37 في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2012، مما يشير إلى حقيقة وجود مجال أمام الدولة لتحسين القدرة على ترسيخ المعرفة.
وقال التقرير، إن ترسيخ المعرفة يعد مؤشراً مهماً على مدى قوة الدولة في المشاركة في تدفقات التعليم والاستثمار بالاتجاهين، وتتمتع الإمارات بشكل خاص بسمات مواتية مثل انخفاض الوقت واختصار الإجراءات اللازمة لتأسيس شركة جديدة، وفعالية هيئاتها الحكومية التي تسمح في ترخيص وتعزيز القطاع الخاص، وقوة القوانين التي تكفل حماية المستثمرين، فضلاً عن نظام تأشيرات السفر الذي يسهل تدفق المهارات اللازمة من الخارج. وذكر التقرير أن قدرات ترسيخ المعرفة تعتبر مؤشراً جيداً عن إمكانية استخدام البلد للموارد الدولية لإنشاء القيمة محلياً، لافتاً إلى أن معظم البحوث حول الاستثمار الأجنبي المباشر والشركات متعددة الجنسيات تؤكد باستمرار أهمية هذه العوامل في رفع مستوى القدرات الابتكارية المحلية.
ومع ذلك، فقد حذرت دراسات عديدة أيضاً من أن درجة وأهمية التعلم من الاستثمارات الأجنبية والشركات الراسخة تعتمدان اعتماداً كبيراً على قوة القدرة الاستيعابية للاقتصاد المتلقي لهذه المعرفة.
وأظهرت الإمارات أداءً لافتاً في هذا الصدد على مدى العقد الماضي، وكانت قبلة للعديد من المؤسسات المهتمة بالابتكار من الشركات متعددة الجنسيات إلى المستشفيات الأجنبية والجامعات الدولية. فمثلاً، لدى 80% من أفضل 500 شركة أميركية، بحسب تصنيف مجلة فورتشن، مراكز إقليمية في دولة الإمارات.
وأشار التقرير إلى أنه ومع نجاحها التام في ترسيخ المشاريع، جذبت الإمارات أيضاً المواهب الدولية لتصبح واحدة من أكثر الدول المرغوبة في العالم للعمل والعيش فيها.
وتعتبر أبوظبي ودبي أكثر وجهتين في الشرق الأوسط جذباً للمواهب من جميع أنحاء العالم. وفي استبانة حديثة، تم اختيار دولة الإمارات كأفضل نموذج للدول، حسب آراء الشباب العربي. وبالتأكيد، فإن استمرار وتضافر الجهود لإيجاد بيئة استثمارية جذابة على المدى الطويل في دولة الإمارات من شأنه أن يجذب المستثمرين ويشجع رواد الأعمال الأجانب بصورة أكبر.
وفيما يتعلق بقدرات الإمارات على نشر المعرفة، يرى التقرير أن قدرة نشر المعرفة والاقتباس هي التي تسهل انتشار أنشطة خلق القيمة المضافة باستخدام الابتكار، وقد خطت الإمارات خطوات كبيرة في هذا المجال، لا سيما ما تم ملاحظة التطور الحالي في مستويات التحصيل التعليمي واختلافه عن الأجيال السابقة.
ووفقا للتقرير فقد ساعد الاستثمار في التعليم أيضاً في سد الفجوة بين الجنسين وبين المناطق الحضرية والريفية. فعلى سبيل المثال، نتيجة للفرص التعليمية التي توفرت مؤخراً للمرأة الإماراتية في إمارة أبوظبي، ارتفعت نسبة الطالبات إلى الطلاب حتى التعليم الثانوي من 95% في العام الدراسي 2000 – 2001 إلى 98,7% في العام 2009 – 2010، وصاحب ذلك زيادة مستويات التعليم والتدريب تحسن في جودة التعليم والتدريب المقدم.
ومن المجالات الأخرى التي حققت الإمارات نجاحاً ملحوظاً فيها بالمقارنة مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى في هذه الدراسة، هو مستوى تبني التكنولوجيا، وهذا ما أكده “التقرير العالمي لتكنولوجيا المعلومات” الذي يصدر سنوياً عن المنتدى الاقتصادي العالمي و”انسياد”.
وفي آخر تقرير له عام (2012)، جاءت الإمارات في المركز الثلاثين عالمياً، ويقيس هذا التقرير قدرة الاقتصاد على الانتفاع من تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات لتعزيز التنافسية، وتعزى هذه النتائج الإيجابية بدرجة كبيرة إلى التزام حكومة الإمارات الكبير بتطوير بنية تحتية من الطراز العالمي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
براءات الاختراع
وفيما يتعلق بقدرات الإمارات على خلق المعرفة الجديدة، أشار التقرير إلى بيانات صادرة عن مجلس الإمارات للتنافسية تفيد بأن عدد براءات الاختراع الإماراتية قد تضاعف تقريبا خلال السنوات الخمس الأخيرة. وحسب أحدث البيانات المقدمة من منظمة الملكية الفكرية العالمية، تسجل دولة الإمارات أعلى معدلات تسجيل براءات الاختراع للفرد في منطقة الخليج العربي. وهذا يعزى أساساً إلى زيادة الإنفاق على البحث والتطوير وأيضاً إلى إطلاق مبادرات فريدة مثل مجلس “توازن اقتصادي” وبرنامج التنمية الصناعية. وقال التقرير، إن هذه الجهود هي جزء لا يتجزأ من المستقبل التنموي لدولة الإمارات، انطلاقاً من “رؤية الإمارات 2021” ولذلك ازدادت قدرة الإمارات على الإنتاج العلمي والتكنولوجي ازدياداً كبيراً في السنوات الأخيرة، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال القفزة الكبيرة في عدد العلماء والباحثين الإماراتيين والعاملين في البلاد.
التنافسية العالمي
ووفقاً لتقرير التنافسية العالمي الأخيرة جاءت الإمارات في المرتبة 15 عالمياً من حيث عدد العلماء والمهندسين (المنتدى الاقتصادي العالمي 2012)، كما ازداد عدد الصناديق والبرامج والجوائز الموجهة للأنشطة العلمية والتكنولوجية ومن الأمثلة على جوائز البحث والابتكار التي تكرم المواهب المتفوقة مثل: جائزة الشباب الإماراتيين المبدعين، وجائزة براءات الاختراع، والتعاون البحثي بين الجامعات والصناعة، وجائزة زايد لطاقة المستقبل وتبلغ قيمة هذه الجائزة الأخيرة أربعة ملايين دولار، وهي الجائزة الأكبر في العالم للابتكار وتطوير حلول الطاقة المستدامة.
ونظراً لزيادة عدد العمالة الماهرة بين القوى العاملة والارتفاع لمتوسط مستوى التحصيل العلمي للعمال، ستكون شركات الإمارات قادرة على تكليف نسبة متزايدة من العاملين لديها بمهام خلق المعرفة. وقد لوحظ هذا الأمر في أماكن أخرى على مر التاريخ، ففي الولايات المتحدة مثلاً عدد العاملين في البحث والتطوير 25 فقط من أصل 10000 عامل في سنة 1950، ليرتفع هذا العدد إلى 91 بحلول عام 1999. ووفقاً للتقرير تحتل الإمارات المرتبة الرابعة بين دول اتحاد مجالس التنافسية العالمي من حيث قدرتها على خلق المعرفة الجديدة، وقد شهدت الإمارات على مدى العقد الماضي نمواً سريعاً لمؤسسات التعليم العالي، وبعضها يمتلك مقومات بحثية قوية، حيث ازداد عدد الجامعات من تسع فقط في عام 2000 إلى أكثر من خمسين وسبعين جامعة ومؤسسة تعليم عالي حالياً، ولكن كما هو الحال في كل الدول، لا تستطيع الإمارات أن تتخصص في إجراءات البحوث في جميع المجالات العلمية، وقد ركزت معظم الأنشطة من العلوم والتكنولوجيا مثل الطاقة المتجددة والعلوم الصحية.
وفيما يتعلق بقدرة الإمارات على توليد قيمة اقتصادية جديدة، أشار التقرير إلى أن تثمين المعرفة يعتبر من التحديات الرئيسية التي تواجه الحكومات والشركات في جميع أنحاء العالم، وتعتبر السويد وفنلندا، على سبيل المثال، من بين كبار المستثمرين في مجال البحوث العلمية والبحث والتطوير الصناعي، ولكن استثماراتها لا تترجم بالضرورة إلى نمو اقتصادي وناتج محلي إجمالي أعلى، (منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 2011)، وهناك عدد من القيود أمام تثمين المعرفة أبرزها عدم وجود ثقافة ريادة الأعمال وضعف قاعدة رأس المال المغامر، وقوانين الإعسار المالي وغيرها. ويظهر أداء الإمارات إجمالاً فوق المتوسط من حيث قدرتها على استغلال الموارد البشرية لإنشاء قيمة جديدة وتتفوق الإمارات في مجالين، على وجه الخصوص، هما الاستخدام الفعال للعمالة الوافدة الماهرة والدعم المالي الحكومي للأنشطة العلمية والتكنولوجية، في حين يقل أداؤها نسبياً من ناحية توافر رأس المال المغامر وتوافر التمويل لأصحاب المشاريع الصغيرة.
المصدر: جريدة الاتحاد