حققت الإمارات إنجازات غير مسبوقة في استخدام تقنية الطباعة الثلاثية وتسخيرها لخدمة مختلف القطاعات الحيوية، مؤكدة عزمها على الوصول لهدفها المنشود بالتحول إلى مركز عالمي رائد في هذا المجال بحلول العام 2030.
ونجحت الإمارات في تعزيز حضور تقنية الطباعة الثلاثية في مختلف مفاصل الحياة وفي مقدمتها الصحة، عبر إنجازات نوعية مثل تصميم نموذج لقلب طفل مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد أسهم في تسهيل عملية علاجه من قبل فريق طبي متخصص في مدينة الشيخ خليفة الطبية، فضلاً عن السابقة الطبية التي حققتها هيئة الصحة بدبي في عام 2018 بتزويد مواطن بساقين صناعيتين تم إنتاجهما عن طريق تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد ليستعيد قدرته على الحركة بالشكل الطبيعي. وتستهدف استراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد التي أطلقت عام 2016 طباعة نماذج بديلة لأعضاء بشرية مثل القلب، والكلية، والدماغ.. إلخ، وطباعة أسنان سيراميك في أقل من 20 دقيقة، وإنتاج الأطراف الاصطناعية باستخدام تقنية الطباعة الثلاثية بتكلفة أقل من 400 درهم بحلول عام 2025.
وتعد الإمارات من أوائل دول العالم التي وضعت تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على خط المواجهة مع فيروس كورونا المستجد «كوفيد- 19، وذلك بعد نجاح العديد من المؤسسات العلمية والبحثية في ابتكار أنواع متطورة من الكمامات الطبية، وأجهزة التنفس الاصطناعية، ومسحات فحص الفيروس عبر استخدام هذه التقنية، الأمر الذي عزز من قدرتها على تلبية الطلب المتنامي على هذه الأدوات منذ بداية الجائحة.
وفي يونيو الماضي، أطلقت مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم أول ورشة متخصصة في استخدام الطباعة الثلاثية لتطوير منتجات طبية تغطي احتياجات الطلاب من أصحاب الهمم، مثل الدعامات الطبية اللازمة للعلاج والتأهيل، وذلك بمجهود أصحاب الهمم أنفسهم.
ولم تكتف تقنية الطباعة الثلاثية في دولة الإمارات بالدخول إلى جسم الإنسان، بل تعدته إلى مسكنه ومكان عمله، حيث شهدت إمارة دبي تدشين «مكتب المستقبل» أول مبنى مطبوع بتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد في العالم، فيما دشنت إمارة الشارقة في 2020 أول منزل تم بناؤه بتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، بتصاميم معمارية تراثية.
ووفقاً للمرسوم رقم/24/ لسنة 2021 بشأن تنظيم استخدام تقنيّة الطباعة ثلاثية الأبعاد في أعمال البناء في إمارة دبي، فإن 25 بالمئة من إجمالي المباني التي سيبدأ تشييدها في دبي بعد العمل بأحكام هذا المرسوم ستكون مصنوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بحلول عام 2030.
وعززت الطباعة الثلاثية الأبعاد حضورها في القطاع الصناعي بالدولة، وذلك عبر مجموعة من الاتفاقيات والشراكات التي أبرمتها كبرى الكيانات الصناعية الوطنية مع العديد من الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال.
وشهد شهر فبراير الماضي توقيع اتفاقية تعاون بين صندوق تنمية القطاعات الاستراتيجية، الذراع الاستثمارية لمجلس التوازن الاقتصادي، والشركة الأسترالية تيتوميك، بهدف تقييم إمكانية تأسيس مشروع مشترك بين الطرفين لإنشاء خط تصنيع محلي يستخدم تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد المتقدمة، ويوفر عبرها منتجات النطاق الصناعي تركز بشكل أساسي على صناعات الطيران والدفاع والنفط والغاز والتعدين في الإمارات.
وفي 2018، أعلنت كل من شركة «سيمنس» وشركة «ستراتا للتصنيع»، الشركة المتخصصة في صناعة أجزاء هياكل الطائرات من المواد المركبة، وشركة الاتحاد للطيران، الناقل الوطني لدولة الإمارات، عن تعاونهما معاً لتصنيع أول الأجزاء الداخلية للطائرات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تنتج باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد.
وتهدف الشراكة إلى إحداث ثورة في صناعة الطيران عبر الاستفادة من تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد لتمكين شركات صناعة الطيران من تحسين عملية تصميم أجزاء الطائرات، ومساعدتها في تصنيع أجزاء معقدة حسب الطلب، أو إنتاج قطع غيار للأجزاء التي توقف إنتاجها.
وتسعى الإمارات لاستقطاب كبرى الشركات العاملة بقطاع الطباعة ثلاثية الأبعاد عبر توفير بيئة استثمارية مناسبة ومشاريع واعدة في مختلف القطاعات، حيث يُتوقَّع أن تبلغ قيمة قطاع سوق تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على مستوى العالم، نحو 300 مليار دولار بحلول العام 2025.
ومؤخراً اعتمد المجلس التنفيذي لإمارة دبي، إنشاء أول منطقة متخصصة ومتكاملة للطباعة ثلاثية الأبعاد في منطقة إكسبو تستهدف جذب رواد الأعمال والمستثمرين وتتيح المجال أمام الباحثين لتطوير هذه التقنية محلياً وعالمياً.
وستتضمن المنطقة مركزاً للأبحاث وأكاديمية ومختبرات للطباعة ثلاثية الأبعاد تساعد على البحث وتطوير هذه التقنية محلياً وعالمياً، إضافة إلى مسرعات للطباعة ثلاثية الأبعاد.
المصدر: وام