في التاريخ القديم والمعاصر، ثمة إمبراطوريات أفلت شمسها، وبعضها انكمش بسبب القفزات الطويلة، أو كما يسمى في أكثر من علم «حرق المراحل» والقفزات في الهواء، وثمّة دول حديثة اعتمدت بناء نفسها ذاتياً بمقوّمات هيأها مؤسسوها قيادةً وأبناءً، أو حباهم الله بها.
دولة الإمارات العربية المتحدة نموذج لدولة حديثة تتبنى سياسة نشطة وفاعلة وحكيمة ومتوازنة، أسهمت في تعزيز مكانتها على الساحة الدولية، وتقديم أوجه الدعم والرعاية الكاملة للمواطنين في الداخل والخارج، والعمل على تعزيز الشراكات الخارجية مع الدول الشقيقة والصديقة، وتنويع هذه الشراكات شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، بما يعود بالنفع على الدولة، ويعزز مكانتها ودورها إقليمياً ودولياً.
منذ تأسيسها انتهجت الإمارات سياسة إقليمية ودولية متوازنة وبعيدة عن المحاور والصراعات الدولية، سياسة مبنية على المبادئ وتوازن المصالح وتعدّد العلاقات. فإبان الحرب الباردة، أقامت الإمارات علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وسواها من الدول الغربية، لكن تلك العلاقات لم تمنع الإمارات من إقامة علاقات مع الاتحاد السوفييتي ودول المنظومة الشرقية والصين ودول أمريكا اللاتينية. هذه السياسة بقيت ديدن الإمارات على الدوام وحتى الآن. هذه السياسة التي أرسى قواعدها مؤسس الدولة وباني نهضتها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، جعلت الإمارات تتبوأ مكانة مرموقة إقليمياً ودولياً.
ويكفي للتدليل على المكانة التي تحظى بها الإمارات دولياً، التذكير بأنها استقبلت خلال عام 2019 وحده ستة عشر زعيماً ومسؤولاً دولياً رفيعاً، على رأسهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودي الذي زار الدولة في أغسطس 2019، وقال مما قاله إن بلاده تجد في الإمارات شريكاً مهمّاً لتحقيق حلمها الطموح. ومن الزيارات المهمة للإمارات زيارة قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية الذي وقّع في أبو ظبي مع فضيلة الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر وثيقة الأخوة الإنسانية، وذلك في أول زيارة من نوعها للجزيرة العربية، في تعبير عن أهمية الدور الذي تضطلع به دولة الإمارات في تعزيز ثقافة التسامح والتعايش المشترك.
حكمة واعتدال
السياسة الخارجية للإمارات، منذ تأسيس الدولة عام 1971، اتسمت بالحكمة والاعتدال والتوازن ومناصرة الحق والعدالة، وهي سياسة استندت إلى أسس الحوار والتفاهم، واحترام المواثيق الدولية، واحترام قواعد حسن الجوار وسيادة الدول، وحل النزاعات بالطرق السلمية.
واقع ملموس
وترجمت دولة الإمارات دورها على مختلف الصُّعد السياسية والاقتصادية والدينية والإنسانية إلى واقع ملموس خلال عام 2018، باستقبالها عدداً كبيراً من قادة ومسؤولي دول العالم قادمين من أكثر 175 دولة، على رأسهم الرئيس الصيني شي جين بينغ.
في 2018، زار الإمارات 25 رئيساً وملكاً، و3 أولياء عهود، و5 نواب ومساعدي رؤساء، و14 رئيس وزراء، ووزراء من 80 دولة، و9 رؤساء برلمانات، و10 رؤساء منظمات دولية وإقليمية، وعدد كبير من المسؤولين الأمميين وقادة الأديان ورجال الدين والعلماء في العالم. كما شهد عام 2019 زيارتين على جانب كبير من الأهمية التي تعكس قوة وتأثير البلدين اللذين جاء منهما الزائران، فلاديمير بوتين، رئيس روسيا الاتحادية، ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي. هذا الحراك النشيط في الزيارات الدولية إلى دولة الإمارات يعكس إدراك المسؤولين في هذه الدول مكانة الإمارات التي تحقق الإنجازات تلو الإنجازات على الأرض وفي الفضاء، وتقدّم للعالم نموذجاً حيّاً ومشهوداً للتسامح، وتمد يد العون إلى كل من يحتاج إليه. ومن الطبيعي، والحالة هذه، أن تتحوّل الإمارات إلى قِبلة لقادة وزعماء ومسؤولي الدول العظمى وغيرها على حد سواء.
المصدر: البيان