تشارك الإمارات دول العالم في الاحتفال باليوم الدولي للسلام، والذي يوافق 21 سبتمبر من كل عام، تحت شعار «تشكيل السلام معاً» حيث أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن هذا اليوم سيكون مكرساً لتعزيز مُثُل السلام من خلال نشر التعاطف والرحمة والأمل في مواجهة وباء «كوفيد 19»، والوقوف صفاً واحداً مع الأمم المتحدة للتصدي لهذا الفيروس.
ومن هذا المنطلق تتبنى دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها سياسة ناجحة وعلاقات مميزة مع كافة دول العالم ترتكز على السلام والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وذلك من منطلق إدراك القيادة الرشيدة أن لدولة الإمارات موقعاً مسؤولاً على الصعد العربية والإقليمية والدولية.
وواصلت دولة الإمارات العربية المتحدة لعب دورها المحوري في العمل من أجل احتواء العديد من حالات التوتر والأزمات والخلافات الناشبة، سواء على صعيد المنطقة أو خارجها، وسعت بشكل دؤوب ومستمر لتعزيز مختلف برامج مساعداتها الإنسانية والإغاثية والإنمائية والاقتصادية المباشرة وغير المباشرة للعديد من الدول النامية، خاصة تلك التي تشهد حالات نزاع أو كوارث طبيعية، فضلاً عن مساهماتها الأخرى الفاعلة في العديد من عمليات حفظ السلام وحماية السكان المدنيين وإعادة الإعمار في المناطق المنكوبة بعد انتهاء الصراعات، وهو ما يجسد شراكة الدولة المتميزة مع أطراف عدة، وتفانيها من أجل تحقيق الأهداف النبيلة من صيانة واستقرار السلم والأمن الدوليين.
السلام بين إثيوبيا وإريتريا
ونجحت مساعي السلام الإماراتية في منطقة القرن الأفريقي في إعلان اتفاق السلام التاريخي بين دولة إريتريا وجمهورية إثيوبيا في 25 يوليو 2018، والذي مهّد لعلاقات إيجابية بين الطرفين، وساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في البلدين بشكل خاص والقرن الأفريقي والمنطقة بشكل عام.
وأكد البيان الذي تم الإعلان عنه عقب الاجتماع الثلاثي الذي جمع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأسياس أفورقي رئيس دولة إريتريا، والدكتور أبي أحمد رئيس وزراء جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية على العلاقات المتميزة والراسخة التي تربط دولة الإمارات مع كل من إريتريا وإثيوبيا، والمصالح المشتركة التي تجمع بينهم، والتي ستعزز آفاق السلام والتنمية التي يمهد لها هذا الاتفاق، والذي يمثل أساساً راسخاً لعلاقات سوية ومتينة في المنطقة.
وأكد اتفاق السلام بين إثيوبيا وإريتريا نهج الإمارات الثابت في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وفي أي مكان في العالم، وهو نهج أسس له ورسخه باني الاتحاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وقد سارت من بعده القيادة الرشيدة على النهج نفسه، وقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تدعم كل جهد أو تحرك يستهدف تحقيق السلام والأمن والاستقرار في أي بقعة بالعالم، من منطلق إيمانها بأن تحقيق السلام والأمن هو المدخل الأساسي لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لجميع شعوب العالم.
وبحسب نشرة أخبار الساعة فإن اللقاء الثلاثي بين الإمارات وإريتريا وإثيوبيا، أكد أيضاً الدور الأساسي الذي لعبته الإمارات في إنجاح المصالحة التاريخية بين الجارتين اللدودتين سابقاً، إثيوبيا وإرتيريا بعد نزاع دام أكثر من عشرين عاماً حيث لم تفلح الجهود الأممية التي قادتها الأمم المتحدة ولا الإفريقية التي قادها الاتحاد الإفريقي في تحقيق هذا الإنجاز التاريخي بكل معنى الكلمة.
وبرعاية إماراتية تم التوصل مؤخراً بعد 17 عاماً من الصراع إلى توقيع اتفاق السلام بين الحكومة الانتقالية في السودان والجبهة الثورية في جنوب السودان، إذ تحملت دولة الإمارات العربية المتحدة العبء الأكبر في العملية السلمية في السودان.
رؤية جديدة
وتتمتع دولة الإمارات برؤية جديدة لمنطقة الشرق الأوسط موجهة نحو المستقبل وتعزيز السلام وتمكين المرأة وتتبني التنوع وتشجع الابتكار وترحب بالمشاركة العالمية، وقد ترسخت هذه المبادئ السامية في الحمض النووي لدولة الإمارات منذ القدم، وبرزت واضحة للعيان منذ تأسيس البلاد في عام 1971، مما جعل الإمارات تحتل مكانة عالمية متفردة في ترسيخ مبادئ التسامح والتعايش السلمي تخطت حدود المنطقة والوطن العربي إلى العالم بفضل السياسة الحكيمة والواعية التي تنتهجها لنشر رسالة والمحبة والتآخي بين أصحاب الديانات كافة.
وأكدت دولة الإمارات أن توقيع معاهدة السلام مع دولة إسرائيل لن يكون على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، مشددة على أن قرار الإمارات السيادي والإعلان عن المعاهدة يتضمن موافقة إسرائيلية على وقف ضم الأراضي الفلسطينية، الأمر الذي يشكل إنجازاً وخطوة مهمة، وتحقيقاً لمطلب أجمعت عليه الدول العربية والمجتمع الدولي، وأحد الأهداف الواردة في المبادرة العربية.
وأكد سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، في رسالة مصورة للجالية الفلسطينية، أن موقف الإمارات ثابت وراسخ في دعم الموقف العربي الداعي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وأضاف سموه: «سنستمر في دعم القضية الفلسطينية على خطى الدعم التاريخي الذي قدمته الإمارات، وهو موقف نابع من قناعة متجذرة لا تغيره أية اعتبارات»، مشيراً إلى أن الإمارات ترى أن خيار السلام استراتيجي وضروري للمنطقة، وأن هذا الخيار لن يكون على حساب دعمنا التاريخي للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق.
المساعدات التنموية
ومكّن نهج الإمارات الإنساني الحفاظ على علاقات وطيدة مع الدول الشقيقة والصديقة وتحقيق سمعة دولية متميزة بحضورها القوي في المنظمات الدولية والإقليمية، وباستضافتها للمؤسسات والمؤتمرات الدولية، وبما تقدمه من مساعدات تنموية وإنسانية مستهدية في ذلك بنهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي جعل من الجانب الإنساني بعداً أصيلاً في نهج السياسة الإماراتية.
وواصلت دولة الإمارات نهجها الإنساني في تقديم المساعدات التنموية والإنسانية والخيرية لمختلف مناطق العالم وشعوبها، ليصل إجمالي عدد الدول التي استفادت من المشاريع والبرامج التي قدمتها المؤسسات الإمارات المانحة منذ تأسيس الدولة عام 1971 وحتى الوقت الحاضر إلى أكثر من 178 دولة، وقد زادت قيمة المساعدات التنموية والإنسانية والخيرية التي قدمتها دولة الإمارات منذ عام 1971 وحتى عام 2016 حوالي 173 مليار درهم توزعت على 21 قطاعاً، جاءت في مجملها لتركز على سبل تحسين حياة البشر، وهو ما جعل دولة الإمارات تتربع على رأس قائمة الدول الأكثر سخاء على مستوى العالم.
فيما تجاوزت قيمة المساعدات الخارجية التي قدمتها دولة الإمارات في عام 2018 لمساعدة 42 دولة حول العالم 28.5 مليار درهم (7.79 مليارات دولار أمريكي)، ما يعكس نجاح دولة الإمارات على مدى 6 سنوات في تجاوز قيمة مساعداتها ما نسبته 0.7% من إجمالي الناتج القومي الإجمالي، وهي النسبة التي أقرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث بلغت نسبة المساعدات الإماراتية من إجمالي الناتج القومي الإجمالي نحو 0.93%، وهذا يجعل دولة الإمارات من بين أكبر المانحين في العالم.
مكافحة الإرهاب والتطرف
وفي مجال مكافحة الإرهاب، حققت دولة الإمارات خلال السنوات القليلة الماضية إنجازات هامة، سواء عبر المشاركات العسكرية في التحالفات الإسلامية والدولية، أو عبر سن القوانين المحلية التي تحاصر الإرهاب ومسبباته مثل «قانون مكافحة التمييز والكراهية»، والقانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2013 لإنشاء مركز «هداية» الدولي للتميز في مكافحة التطرف العنيف، إضافة إلى إصدار مرسوم بقانون يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، ومكافحة أشكال التمييز .
جهود الإمارات حققت الأمن والاستقرار حول العالم
ساهمت دولة الإمارات العربية المتحدة ممثلة في قواتها المسلحة في العديد من عمليات حفظ السلام حول العالم وتخفيف حده النزاعات بين المتصارعين، وقدمت منذ سنوات طويلة جهوداً إنسانية كبيرة بغرض تحقيق الأهداف المنشودة من وراء عمليات حفظ السلام الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار وتقديم العون والمساعدات والإغاثة الإنسانية للبشر في مناطق الصراعات من دون تفرقة بين لون أو دين أو عرق.
وشاركت القوات المسلحة الإماراتية بفعالية في معركة تحرير الكويت ضمن قوات التحالف الدولي ومع قوات مجلس التعاون الخليجي في مراحلها الثلاث: عملية درع الصحراء وعاصفة الصحراء ومرحلة «وداعاً أيتها الصحراء».
وبناء على التوجيهات السامية لمد يد العون لإعادة بناء ما دمرته الصراعات ومن أجل وحدة شعب الصومال واستقراره، تقرر إرسال كتيبة من قواتنا المسلحة إلى الصومال للمشاركة في «عملية إعادة الأمل» ضمن نطاق الأمم المتحدة بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 814 بتاريخ 4 مايو 1993 تحت اسم عملية الأمم المتحدة بالصـومال وتكونت قوة الإمارات المشاركة من أربع دفعات بدأت من شهر يناير 1993 وحتى نهاية مهمة القوة في شهر أبريل 1994.
ونتيجة لاعتداء القوات الصربية على الشعب الكوسوفي المسلم وتزايد أعداد النازحين الكوسوفيين لجمهورية ألبانيا، قررت قيادتنا وبتوجيه من صاحب السمو رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة التزام الدولة بمساعدة الشعب الكوسوفي في حفظ وإعادة الأمن وحفظ السلام ضمن قوات بموافقة قيادة حلف شمال الأطلسي، وكانت المشاركة تتكون من مرحلتين سبقتهما مراحل تحضيرية خمس وهي: «التخطيط، التنسيق، الاستطلاع، إعداد الخطط، وتجميع الوسائل والقوات»، وكانت منطقة كوسوفا قسمت إلى خمس مناطق أمنية هي منطقة القوات الأمريكية التي ضمنها قوة صقر الإمارات ومنطقة القوات البريطانية ومنطقة القوات الألمانية ومنطقة القوات الفرنسية، والتي تقع ضمنها قوة مجموعة المعركة لدولة الإمارات العربية المتحدة.
أدركت دولة الإمارات العربية المتحدة مدى جدية طبيعة المشكلة الإنسانية المتأتية، سواء من الألغام أو من الأجسام غير المنفجرة، فأعلنت عن دعمها لعملية إزالة الألغام من المناطق الجنوبية المحررة، تم توقيع مذكرة تفاهم بين حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة والحكومة اللبنانية تحت مسمى عملية التضامن الإماراتي لنزع الألغام من جنوب لبنان في 25 أكتوبر وخصصت دولة الإمارات مبلغ 50 مليون دولار للمساعدة في عملية نزع الألغام.
وشهد العالم بدور القوات المسلحة في عمليات الإغاثة الكبرى التي نفذتها خلال زلزال 2005 الذي ضرب شمالي جمهورية باكستان الإسلامية، وفي عام 2008 لعبت القوات المسلحة دوراً حيوياً في عمليات إغاثة في اليمن جراء السيول والفيضانات.
المصدر: البيان