تعد جرائم الاتجار بالبشر واحدة من أكبر التحديات في مجال حقوق الإنسان، لكونها تمس كرامة الإنسان وحريته بأسوأ أشكال الاستغلال.
وفي السنوات الأخيرة، توالت الجهود والمبادرات العالمية لمكافحة هذه الجريمة، مثل البروتوكول العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، والاتفاقية الدولية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية التي تتضمن مكافحة ومنع ومعاقبة تهريب الأشخاص والاتجار بالبشر.
ولكن تبقى هذه الجهود والمبادرات غير كافية أمام انتشار جرائم الاتجار بالبشر وتضاعف عدد الضحايا، ولأن الوقاية خير من العلاج، تعتمد الدول والحكومات والمنظمات غير الحكومية على حملات الوقاية والتوعية، باعتبارها إحدى الأدوات الأساسية لدعم جهود مكافحة هذه الجرائم البشعة.
وقد حظيت إنجازات «دولة الإمارات» وجهودها في مكافحة الاتجار بالبشر بتقدير العديد من المنظمات الإقليمية المختصة، خاصة تجربتها الرائدة في إقامة مراكز لإيواء ضحايا الاتجار بالبشر من النساء والأطفال والخدمات المتميزة التي تقدمها هذه المراكز للضحايا من رعاية متكاملة في مختلف الجوانب الصحية والنفسية والقانونية.
وثمنت «جوى تغوزو إيزيلو» المقررة الخاصة المعنية بالاتجار بالبشر – لا سيما النساء والأطفال – في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، في إحدى جلساته السابقة، تجربة دولة الإمارات في مجال مكافحة جرائم الاتجار بالبشر والإجراءات التي قامت بها والالتزامات التي نفّذتها في هذا المجال.
كما هو معلوم، فإن الإمارات تعد من طلائع الدول العربية التي بادرت بإعداد أول قانون خاص بمكافحة جرائم الاتجار بالبشر، مع أن قانون العقوبات الاتحادي رقم (3) لعام 1983 نص في المادة (346) على تحريم هذا النوع من الأفعال.
وفي عام 2006، صدر القانون رقم (5) ليكون أداة فاعلة وفعالة لمواجهة جرائم الاتجار بالبشر، حيث تم إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر التي باشرت عملها بالتركيز على أربعة محاور رئيسة، تعنى أولاً باستكمال الجانب التشريعي والأطراف القانونية للقانون المشار إليه، ومن ثم الاهتمام بوضع معايير أخلاقية تستهدي بها وسائط الإعلام الثلاثة: المقروءة والمسموعة والمرئية، وذلك إدراكاً من اللجنة للدور المحوري الذي يسهم به الإعلام في التعريف بمخاطر جرائم الاتجار بالبشر، والرد على ادعاءات بعض المنظمات الدولية حول ضحايا هذا النوع من الجرائم.
أما المحور الثالث ففيه تتم مساعدة الجهات ذات العلاقة، وتمكينها من اتخاذ مبادرات إيجابية، للوقوف ضد تدفقات ضحايا هذه الجرائم، ونعني بها أجهزة الشرطة والنيابات العامة والجمعيات ذات النفع العام، كجمعية حقوق الإنسان، وجمعية الحقوقيين وجمعية الاجتماعيين ومن في حكمهما.
القارئ للتقرير السنوي للجنة الوطنية لا يفوته إدراك الجهود الكبيرة التي بذلتها اللجنة، عبر القيام بعمل احترافي تمثل في إنشاء أربعة ملاجئ لرعاية النساء والأطفال، يتم فيها توفير أعلى مستويات الرعاية الاجتماعية والخدمات المساندة، ووفق أحدث المعايير الإقليمية والدولية في مجال حماية وإعادة تأهيل الضحايا، اجتماعياً ونفسياً ومهنياً.
وتضافرت هذه الجهود مع ما تقوم به مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال من ضحايا الاتجار بالبشر، والقيادة العامة لشرطة دبي كشريك استراتيجي، وكما هو معلوم، فإن جريمة الاتجار بالبشر تعد من الجرائم الاقتصادية والجريمة المنظمة التي تديرها شبكات دولية للإيقاع بالفتيات والأطفال في أوكار الرذيلة دون علمهم أو بتضليلهم.
ومن جهة أخرى، تعمل اللجنة، من خلال محورها الرابع، على بناء شراكات وتبنّي مبادرات، لتتواصل مع المنظمات الإقليمية والدولية الناشطة في ميادين مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، مثل منظمة العمل الدولية (ILO) ومنظمة الهجرة الدولية ومجلس حقوق الإنسان، وهي من أهم المنظمات التابعة للأمانة العامة للأمم المتحدة، حيث أمكن الوقوف على أهم المستجدات بشأن الدور الوقائي لحماية المجتمع من تداعيات هذا النوع من الجرائم، ذلك أنها جرائم تحتاج إلى معالجات وتضافر جهود أجهزة عدة، فضلاً عن أهمية تعاون الجمهور من المواطنين والمقيمين.
وبموجب التقرير، فإن هناك 13 قسماً ووحدة ومركزاً يعنى بمكافحة جرائم الاتجار بالبشر بوزارة الداخلية موزعة إلى لجنة مكافحة الاتجار بالبشر، وإدارة حقوق الإنسان بوزارة الداخلية، وقسم مكافحة الاتجار بالبشر الاتحادي، وإدارة المعلومات الأمنية الاتحادية، ومراكز الدعم الاجتماعي، وقسم مكافحة جرائم الاتجار بالبشر بشرطة أبوظبي، وقسم مكافحة الاتجار بالبشر بشرطة دبي، ومركز مراقبة الاتجار بالبشر بشرطة دبي، وفرع مكافحة الاتجار بالبشر بشرطة رأس الخيمة، وفرع مكافحة الاتجار بالبشر بشرطة الفجيرة، وفرع مكافحة الاتجار بالبشر بشرطة الشارقة، وفرع مكافحة الاتجار بالبشر بشرطة أم القيوين، وفرع مكافحة الاتجار بالبشر بشرطة عجمان.
المصدر: البيان