بعد أن انتهت فترة الإعلان عن نتائج الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية في ربعها الأول من العام الحالي، ومع قرب دخول المؤسسات المالية الأجنبية للاستثمار بشكل مباشر في السوق المالية المحلية، أصبحت الثقافة الاستثمارية هي اللغة السائدة لدى كثير من المتداولين الأفراد، عقب 8 سنوات مروا خلالها بتقلبات كبرى عصفت بكثير من مدخراتهم النقدية.
سوق الأسهم السعودية باتت تعيش اليوم مرحلة تاريخية جديدة، تتمثل في دخول المؤسسات المالية الأجنبية للاستثمار بشكل مباشر، وخروج سيولة نقدية كبرى من القطاع العقاري عقب الركود الكبير الذي يعاني منه هذا القطاع من جهة، والإعلان عن فرض الرسوم على الأراضي البيضاء من جهة أخرى، إضافة إلى نجاح مؤشر السوق العام من التماسك فوق مستويات 9 آلاف نقطة على الرغم من تراجع أسعار النفط.
وفي ظل هذه التطورات، أنهى مؤشر سوق الأسهم السعودية تعاملات الأسبوع على ارتفاع بنسبة 3.9 في المائة، ما يعادل 364 نقطة، مغلقا بذلك عند مستويات 9615 نقطة، مقارنة بإغلاق الأسبوع الماضي عند 9251 نقطة، وجاء ارتفاع السوق هذا الأسبوع مدعوما بإعلان هيئة السوق المالية عن تحديدها للـ15 يونيو (حزيران) المقبل، موعدا للسماح للمؤسسات الأجنبية بالاستثمار في السوق، حيث ارتفع السوق في أولى جلسات الأسبوع بنحو 369 نقطة.
وفي ظل هذه التداولات، أنهت أغلبية الأسهم تداولاتها الأسبوعية على مكاسب، حيث ارتفعت أسهم 130 شركة، بينما تراجعت أسهم 32 شركة، وسجلت قيمة التداولات أعلى مستوى لها منذ شهرين ونصف حيث بلغت قيمتها الإجمالية نحو 56.13 مليار ريال (14.9 مليار دولار)، أي ما يعادل 11.23 مليار ريال يوميًا (2.99 مليار دولار)، مقارنة بنحو 39.61 مليار ريال (10.5 مليار دولار)، بمعدل 7.92 مليار ريال يوميًا (2.1 مليار دولار) خلال الأسبوع الماضي.
ويبلغ حجم الأرباح التشغيلية التي أعلنت عنها الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية خلال 12 شهرًا نحو 107.7 مليار ريال (28.7 مليار دولار)، مما يعطي الصبغة الاستثمارية أهمية بالغة مع قرب دخول المؤسسات المالية الأجنبية.
وحول الوضع الفني لتعاملات سوق الأسهم السعودية، أكد بدر القحطاني، وهو محلل فني مختص، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، يوم أمس، أن تعاملات يوم غد الأحد قد تشهد مكاسب جديدة تقود المؤشر العام لاختراق النقطة الفنية الهامة عند حاجز 9745 نقطة، وقال: «أمام مؤشر السوق نقاط مقاومة فنية هامة، هي 9745، و10200، و10500 نقطة، بينما يمثل اختراق حاجز 11964 نقطة، تغيرًا فنيًا إيجابيًا لمؤشر السوق في حال تحقق ذلك».
ولفت القحطاني خلال حديثه إلى أن تزايد حجم السيولة النقدية خلال تعاملات هذا الأسبوع مقارنة بالأسبوع الذي سبقه، يمثل نقطة مهمة في قراءة أداء السوق للمرحلة المقبلة، وقال: «تحديد موعد دخول المؤسسات المالية الأجنبية بشكل واضح، زاد من حجم التفاؤل في مستقبل سوق الأسهم السعودية، إلا أن علينا ألا نغفل أيضا نقاط الدعم الفنية التي من المهم للمؤشر العام أن يحافظ عليها».
ولم يستبعد القحطاني مرور تعاملات السوق بعمليات جني أرباح طبيعية من حين لآخر، مبينًا أن ذلك هو ديدن أسواق المال في جميع دول العالم، مؤكدًا في الوقت ذاته، أن اختراق مؤشر السوق لحاجز 9745 نقطة يفرض على المتداول عدم التنقل بين الأسهم، واختيار الشركات التي لديها نمو جيد في الأرباح، والتي لم تواكب، في الوقت ذاته، ارتفاعات مؤشر السوق العام. وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي أبدت هيئة السوق المالية السعودية تفاؤلاً كبيرًا بخطوة فتح سوق الأسهم المحلية في البلاد أمام المؤسسات المالية الأجنبية للاستثمار المباشر، مؤكدةً في الوقت ذاته، أن المستثمرين الأجانب المتخصصين سيسهمون في الحد من التذبذب الكبير في الأسعار.
وتأتي هذه التصريحات الرسمية، في وقت باتت فيه سوق الأسهم السعودية تعيش حاليًا مرحلة مستقرة من حيث الأداء، إذ نجح المؤشر العام في التماسك فوق مستويات 9500 نقطة، عقب سلسلة من التداولات التي شهدت خلال الأشهر الستة الماضية تذبذبًا كبيرًا، بعد التراجع الحاد لأسعار البترول.
وفي هذا الإطار، أكد محمد الجدعان، رئيس مجلس هيئة السوق المالية السعودية، الأربعاء الماضي، أن هناك أهدافا عدة ترمي المملكة لتحقيقها عبر السماح للمؤسسات المالية الأجنبية المؤهلة بالاستثمار في الأسهم المدرجة بالسوق المالية السعودية، أهمها استقطاب مستثمرين متخصصين لتعزيز الاستثمار المؤسسي ورفع مستوى البحوث والدراسات عن السوق المالية السعودية.
وأضاف الجدعان قائلا: «هيئة السوق تسعى منذ إنشائها إلى تطوير السوق المالية السعودية، وقرار السماح للمستثمرين الأجانب سيسهم في تحقيق ذلك من خلال أهداف عدة على المدى القريب والبعيد، تشمل إضافة خبرات المستثمرين الدوليين المتخصصين للسوق المحلية، وتعزيز مساعي الهيئة نحو زيادة الاستثمار المؤسسي في السوق»، لافتًا النظر إلى أن المستثمرين الأجانب المتخصصين يتوقع أن يسهموا في الحد من التذبذب الكبير في الأسعار، كما سيعملون على تعزيز كفاءة السوق وتحفيز الشركات المدرجة نحو تحسين مستوى الشفافية والإفصاح وممارسات الحوكمة.
وحول الأشخاص المرخص لهم «المؤسسات المالية المرخصة من الهيئة» أكد الجدعان أن هذه الخطوة ستسهم في نمو أعمالهم من خلال خدمة هذه الشريحة الجديدة من العملاء، وسيصاحب ذلك زيادة الفعاليات التوعوية والمؤتمرات المختلفة المخصصة للاستثمار المالي ورفع الوعي بشكل عام حول السوق المالية والاستثمار فيها، وقال: «فتح السوق للاستثمار الأجنبي لا يركز على جلب رساميل أو ضخ سيولة لأن السوق المحلية لا تعاني من شحها، خصوصا أن متوسط قيمة التداول فيها تعد ضمن المعدلات العالمية المقبولة». كما أكد رئيس هيئة السوق المالية السعودية أن القواعد التي أعدتها الهيئة راعت موافقتها للأنظمة ذات العلاقة في المملكة، فضلاً عن أنه جرى الأخذ بآراء المختصين والعموم في الاعتبار الذين شاركوا بمقترحاتهم في فترة الـ90 يومًا التي نشرت فيها الهيئة مسوّدة مشروع القواعد على موقعها الإلكتروني.
المصدر: الرياض: شجاع البقمي – الشرق الأوسط