رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
ما تقوم به دولة الإمارات في مجال الاستمطار هو بحق عمل يدعو إلى الفخر، فلقد حققت الدولة في هذا المجال نجاحاً مبهراً، وبصمت، وسخّرت العلم والتقنية في مواجهة المناخ الجاف الذي يقل فيه معدل الأمطار السنوية عن 100 مم، ومع وجود معدل تبخر عالٍ للمياه السطحية، ومعدلات ضئيلة لتجدّد المياه الجوفية، فكانت النتيجة نجاحاً لافتاً في مجال علمي جديد وصعب.
استثمرت الدولة في هذا المجال ملايين الدراهم، وقبل ذلك استثمرت في شباب متسلح بالعلم والتخصص، وأعطتهم ثقة كاملة لإدارة هذه العمليات الصعبة والمعقدة، لم تبخل أبداً على الصرف بسخاء لإنجاز مهمة المحافظة على كل قطرة ماء تنزل من السماء، ورعايتها بشكل كامل منذ تشكل السحب في السماء إلى وصول هذه القطرة لباطن الأرض، ووفرت لذلك ست طائرات مجهزة بأدق الأجهزة اللازمة للاستمطار، وجهزت كل مستلزمات العملية والبيئة التحتية اللازمة لنجاحها، بدءاً من إنشاء شبكة محطات أرضية تقوم برصد عناصر الطقس على مدار الساعة، وتضم هذه الشبكة أكثر من 65 محطة أوتوماتيكية موزّعة بشكل مدروس على مناطق متفرقة من الدولة لتتلاءم مع الطبيعة الجغرافية لكل منطقة.
إضافة إلى رادارات متطوّرة، منها جوية ثابتة، ومنها متحركة، وتقوم هذه الرادارات بمراقبة السحب الممطرة التي تستخدم في توجيه الطائرات لوضعها داخل المكان المناسب داخل السحابة، ويقوم الرادار بتشريح السحابة إلى مقاطع عرضية يتم من خلالها معرفة أماكن الرياح العمودية داخل السحاب، ومعرفة أماكن الأمطار المتوقعة، وأماكن حدوثها، وشدتها، إضافة إلى استخدام الأقمار الاصطناعية ذات القنوات المختلفة، للاستدلال على بداية تكون السحب، وهي من الخطوات المهمة والحرجة في إجراء عمليات التلقيح.
ما يقوم به شباب الإمارات في مركز الاستمطار داخل المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل عمل مذهل، ففي الوقت الذي يستمتع فيه معظم أهل الإمارات بالجو الممتع أثناء سقوط الأمطار، يقبعون هم خلف الأجهزة يدرسون ويحللون المعلومات الواردة من كل سحابة، ويوجهون الطائرات باتجاهها، ويزودون الطيارين بالإحداثيات والمعلومات اللازمة لعمليات الاستمطار، كل ذلك من أجل تحفيز السحاب على إنزال أكبر كمية ممكنة من المياه، للمحافظة على حياة هذا البلد، وحياة الأجيال المقبلة، ولزيادة المخزون الجوفي من المياه العذبة، وضمان الاستفادة القصوى من كل سحابة تمر فوق سماء الدولة.
وبما أن لكل مجتهد نصيباً، ولكل عمل مخلص صادق نتائجه الإيجابية، كانت نتائج الاستمطار حتى الآن ناجحة، إذ أثبتت الدراسات التي قام بها المركز أن عمليات الاستمطار ستؤدي إلى زيادة الهطول من السحابة إلى ما بين 15 و35%، وهذا إنجاز كبير جداً، خصوصاً أننا نتحدث هنا عن سلعة غالية ثمينة تتوقف عليها حياتنا وحياة جميع الكائنات الحية في الدولة، لا شك في أن زيادتها بهذه النسبة هو أمر لا يقدر بثمن، وهذا ما أدركته قيادة الدولة والمسؤولون التنفيذيون فيها، لذلك لم يبخلوا يوماً بالدعم المالي والمعنوي للمركز الوطني للأرصاد وعمليات الاستمطار، ولا أعتقد أنهم سيتوقفون يوماً عن هذا الدعم.
المصدر: الإمارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com/opinion/2015-01-26-1.750347