ساعدت عزلة تنظيم الحمدين على كشف ملفاته السوداء، ومن بينها ملف الاغتيالات الذي بقي لفترة طويلة ضمن المسكوت عنه. ويرى مراقبون أن قطر تورطت في عدد من جرائم الاغتيال السياسي التي تعتبر من أعتى وأبشع أشكال الإرهاب، راصدين تورط تنظيم الحمدين في محاولات اغتيال العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، والرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، والرئيس اليمني المعزول علي عبدالله صالح، والقائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر.
كما كانت قطر وراء اغتيال العقيد الليبي الراحل معمر القذافي بعد اعتقاله حياً من قبل ميليشيات مسلحة، واللواء عبدالفتاح يونس القائد السابق لقوات المعارضة الليبية، والقيادي التونسي المعارض شكري بلعيد، وعدد من القيادات السياسية والميدانية في جنوب اليمن إلى جانب ناشطين ليبيين.
وبحسب المراقبين، فإن عمليات الاغتيال نفذها بالوكالة إرهابيون مرتبطون عقائدياً وسياسياً وتمويلياً بنظام الدوحة، في إطار السعي إلى السيطرة على المنطقة العربية من خلال تحالف يجمع بين جماعة الإخوان وتنظيم القاعدة الإرهابيين تحت غطاء فكري وسياسي وإعلامي ومالي وفره تنظيم الحمدين.
مخطط حمد والقذافي
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية السعودي إن قطر لا تزال ماضية في دعمها للإرهاب والأعمال التخريبية في المملكة العربية السعودية، مؤكداً أن الدوحة دعمت خلايا إرهابية بقصد اغتيال الملك عبدالله بن عبدالعزيز والإضرار بالسعودية.
وأوضح الجبير أنه ثبت للرياض اشتراك معمر القذافي والنظام القطري في اغتيال العاهل السعودي الملك عبدالله، لافتًا إلى أن القذافي حينما كان يتواجد في مكة المكرمة جند خلايا إرهابية سعودية من بينهم سعد الفقيه المنشق في بريطانيا والإمام العمودي المسجون حاليًا في الولايات المتحدة، لافتًا إلى أن الفقيه كان يمول من دولة قطر لاغتيال الملك عبدالله بينما تلقى العمودي مبالغ مالية كبيرة من القذافي.
من جانبه، أكد المستشار بالديوان الملكي السعودي، والمشرف العام على مركز الدراسات والشؤون الإعلامية، سعود القحطاني، أن هناك مؤامرة دبرها أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني مع القذافي لاغتيال الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وقال إن «الدوحة تورطت في التنسيق مع نظام القذافي لاغتيال الملك عبدالله»، لافتًا إلى أن القصة بدأت من مؤتمر القمة العربية بشرم الشيخ عام 2003 عندما أسكت الملك عبدالله القذافي لتطاوله على المملكة.
وتابع: «القذافي قام بالتواصل مع المنشقين السعوديين لاغتيال الملك عبدالله، لكنهم لم يتفاعلوا معه، فقام بالاستعانة بأمير قطر حمد بن خليفة، الذي أبدى استعداده التام لتنفيذ ما طلبه القذافي منه». وأشار إلى أن حمد بن خليفة أمر منشقي لندن بتنفيذ عملية اغتيال الملك عبدالله، إلا أن يقظة الأمن السعودي أفشلت العملية.
وكانت السعودية أعلنت وقتها بوضوح اتهامها لنظام القذافي، لكن يبدو أن ما يتعلق بقطر تم معالجته بين البلدين في إطار سعي السعودية ودول الخليج الأخرى لثني قطر عن سياساتها المهددة للأمن القومي لجيرانها.
ولكن مع استمرار قطر في سياساتها حتى بعد تنازل الأمير السابق لابنه الأمير الحالي وتعهدات متتالية لم تنفذ منها شيئاً، بدأت السعودية الكشف عما كان مستوراً.
اغتيال القذافي
ومن المصادفات المثيرة، أن أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني هو الذي كان وراء تصفية معمر القذافي شريكه في محاولة اغتيال العاهل السعودي السابق.
فقد كشف مستشار الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، محمد رشيد، أن قتل القذافي ونجله المعتصم بعد أسرهما لم يكن فورة هياج ولا انتقاماً بل قرار نُفِذ لإطفاء أسرار كثيرة وخطيرة، مؤكدًا أن جماعة إخوان ليبيا قتلوا القذافي، وقتلوا وحرقوا عبدالفتاح يونس، وقتلوا السفير الأميركي، وخسروا ثلاثة اختبارات انتخابية فقرروا تدمير ليبيا.
بينما تحدثت الصحيفة الروسية «أرغومنتي نيديلي» عن معلومات تؤكد وقوف أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني وراء مقتل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، بعدما أمر شخصياً قائد قواته الخاصة بالإجهاز عليه.
وذكرت الصحيفة الروسية أن إحدى سفن بلادها التي كانت مرابطة أثناء الأحداث في مياه البحر الأبيض المتوسّط قبالة الشواطئ الليبية تمكنت بفضل أجهزة تنصّت من اعتراض مكالمة أجراها قائد القوات القطرية الذي لم يعر اهتماماً للحيطة في خضمّ الفرحة بالنصر الذي شاركت فيه قواته في ليبيا مع أمير قطر شخصياً، أخبره فيها بصريح العبارة أنه قد أجهز على العقيد الجريح.
فأثنى الأمير القطري على الضابط ووعده بمكافأة مجزية – حسب ما أكدته الصحيفة ذاتها – مكذبة بذلك ما روجته وسائل الإعلام الغربية بخصوص مقتل القذافي على يد الشاب الليبي ذي 18 ربيعاً.
كما أكدت الصحيفة الروسية أن مشاعر العداء التي يُكِنّها الأمير القطري حمد تجاه القذافي سببها تعرّضه للإهانة خلال القمة العربية في سرت، حين سخر منه القذافي قائلاً: «يا أخي لقد سمنت وأصبحت شبيهاً بالبرميل، وعلى الأغلب أن الأريكة الفاخرة المعدّة لجلوسك لن تتّسع».
وتناولت صحيفة «أرغومنتي نيديلي» الروسية تصريحات ولي العهد القطري حينها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في شهر أكتوبر من العام 2011، بخصوص انخراط مئات القطريين منذ بداية الحرب في ليبيا في صفوف الثوار، مؤكداً أنهم ليسوا مدنيين بل من نخبة القوّات القطرية الخاصّة.
وبحسب مراقبين، فإن حكام قطر أصروا على التخلص من القذافي، وهم من كانوا وراء فكرة عرض جثته في فضاء مفتوح لمدة ثلاثة أيام في مدينة مصراتة بشكل مناف لكل القيم الإنسانية إمعاناً في التشفي وفي إذلال الشعب الليبي الذي مثل القذافي حاكماً لبلاده لمدة 42 عاماً، كما أن المخابرات القطرية أوصت أمراء الميليشيات في مصراتة بضرورة دفن القذافي في مكان مجهول حتى لا يتحول قبره مزاراً لأنصاره فيشوش على مشروع الإخوان لحكم البلاد.
محاولة اغتيال السيسي
في 25 يوليو 2016، احتضنت العاصمة الموريتانية نواكشوط القمة العربية السابعة والعشرين التي غاب عنها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بعد الإعلان سابقاً عن حضوره، وهو ما أثار ردود فعل متباينة، قبل أن يعلن عن اكتشاف مخطط لاغتيال السيسي، تقف وراءه دولة قطر.
وقالت مصادر موريتانية، في 24 يوليو 2016 قبل القمة العربية في موريتانيا بيوم نشر موقع إخباري تفاصيل مخطط اغتيال الرئيس السيسي قبل قمة نواكشوط في موريتانيا خلال اجتماع القمة العربية، والتي كانت أشبه بمحاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك في أديس أبابا، فقد تمكنت الأجهزة الأمنية المصرية من كشف تفاصيل المخطط الإرهابي الذي كان يستهدف السيسي في نواكشوط.
ونصحت الأجهزة الرئيس بعدم السفر لحضور القمة، فأجرى اتصالاً مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز اعتذر فيه عن المشاركة في القمة، وكلف المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، بتمثيله في أعمال القمة العربية.
وبحسب مصادر مخابراتية، فقد أعدت جماعة «الموقعون بالدم» التي يزعمها الإرهابي الجزائري مختار بالمختار بالتنسيق مع جهات قطرية مخطط اغتيال السيسي خلال مشاركته في القمة.
وقالت المصادر إن المخطط تضمن تكليف عناصر شديدة الاحتراف في عمليات الاغتيال للقيام بهذه المهمة لتسهيل تهريب أسلحة قناصة متطورة إلى نواكشوط وتوفير الدعم لتنفيذ عملية الاغتيال داخل موريتانيا.
ودخلت جماعة الموقعون بالدم مرحلة الإعداد الفعلي لتنفيذ الجريمة بالتنسيق مع جماعة بوكو حرام الإرهابية وبدعم وتنسيق قطريين مباشرين.
ووفقاً لمصادر أميركية، صدرت أوامر قطرية لمختار بالمختار الذي كان موجوداً في المناطق الليبية المتاخمة للحدود مع الجزائر، بحشد عدة عناصر إرهابية لتنفيذ مخطط اغتيال الرئيس المصري من خلال عملية قنص تتم من أعلى المكان الذي يفترض إقامة القمة العربية فيه، وانتشار القناصين على أسطح الأماكن التي كان سيمر منها موكب السيسي لتوفير ضمانات نجاح المخطط الإرهابي.
وقد دفعت قطر لزعيم تنظيم «الموقعون بالدم» وحده ستة ملايين دولار بالإضافة إلى 32 مليون دولار للقناصين الذين تم تدريبهم وإعدادهم للعملية وعددهم 16 قناصاً، أي بمعدل مليوني دولار لكل واحد منهم.
محاولة اغتيال خليفة حفتر
كشف الجيش الوطني الليبي، عن أن قطر حاولت اغتيال المشير خليفة حفتر في مقر القيادة سابقاً بمنطقة الأبيار شرقي بنغازي، مشيراً إلى أن بنغازي كانت مسرح جريمة شاهداً على عمليات قطر ضد الشعب الليبي. وأعرب الجيش عن أسفه لتجاهل العالم تحذير المشير حفتر من دعم قطر للإرهاب منذ وقت طويل في ليبيا.
كما أكد مستشار قانوني سابق للواء خليفة حفتر، رمزي الرميح، أنه يملك تقريراً زوده به مسؤول عربي رفيع المستوى، أكد أن قطر كانت تنوي اغتيال حفتر يوم 4 يونيو 2014، باستخدام ثلاثة أطنان متفجرات، وأدت العملية إلى مقتل أربعة من حراس قائد عملية الكرامة.
وكشف سفير ليبيا في المملكة العربية السعودية، عبدالباسط البدري، عن تورط دولة قطر في محاولات الاغتيال التي استهدفت حفتر، متهماً تنظيم الحمدين بالوقوف وراء محاولة تفجير مجلس النواب في مدينة طبرق جاء ضمن مساعيها لعرقلة الاتفاق السياسي الليبي.
وأكد البدري أن ليبيا والليبيين يسعون دوماً إلى لملمة صفوفهم لكن قطر كانت وراء محاولات إبعاد الأطراف الليبية عن بعضها من خلال تمويل أحزاب وجماعات الإسلام السياسي في البلاد، مؤكداً أن قطر مولت جماعات إرهابية في البلاد تسببت في هدم وتدمير العديد من المدن الليبية، موضحاً أن الجماعة الليبية المقاتلة وحزب العدالة والبناء الإخواني على رأس هذه المجموعات.
تخريب
أكدت تقارير صحفية يمنية أن الثابت قطعاً ومن خلال الأدلة تورط دولة قطر وحلفائها في دعم وتبنّي جرائم الإرهاب والتطرف بسبب الفتاوى التحريضية والصادرة مما يسمى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والتابع لدولة قطر برئاسة يوسف القرضاوي.
وذلك من أجل تنفيذ هدفها الإرهابي المعلن لتخريب اليمن والمنطقة، والذي تبنته قطر منذ بداية 2011 بهدف إسقاط النظام وتخريب اليمن وتمزيق وحدته والانتقام منه بسبب استبعاد تنظيم الحمدين من أي دور في رعاية اتفاقية المبادرة الخليجية والتسوية السياسية للأزمة اليمنية في عام 2011، الأمر الذي دفع قطر إلى الانتقام من اليمن ورفضها أي حكم أو تغيير لحكم الإخوان في اليمن.
المصدر: البيان