حدد خبراء مصرفيون 10 شروط، تطبقها البنوك حالياً لانتقاء المتعاملين الجديرين بأخذ قروض وتسهيلات ائتمانية، مشيرين إلى أن هذه السياسة تعد استراتيجية تلجأ إليها البنوك في أوقات التباطؤ الاقتصادي وتراجع معدلات النمو، لضمان عدم وجود مخاطرة كبيرة أو تعثرات مستقبلية، نتيجة عدم المقدرة على سداد الأقساط، سواء بالنسبة للأفراد أو الشركات بأنواعها.
وأوضح الخبراء، أن أبرز تلك المتطلبات والشروط بالنسبة للشركات، تدور حول وجود أعمال مستقرة ونمو في حجم النشاط، إضافة إلى تاريخ ائتماني جيد.
وبينوا أنه بالنسبة لتمويل الأفراد، أصبحت البنوك تركز على موظفي الشركات في القطاعات المستقرة والمدرجة في قوائم البنوك، بينما تبتعد عن تلك التي تشهد انكماشاً أو تقليصاً لعدد موظفيها، تفادياً للمخاطرة العالية.
يذكر أن محافظ المصرف المركزي، مبارك راشد المنصوري، قال أخيراً إن البنوك باتت حذرة في منح التمويلات، وتميل إلى انتقاء متعامليها، بسبب الظروف الراهنة للاقتصاد العالمي.
تدفقات نقدية
وتفصيلاً، قال الخبير المصرفي، أمجد نصر، إن «البنوك تلجأ إلى انتقاء المتعاملين، سواء الأفراد أو الشركات في أوقات التباطؤ الاقتصادي»، موضحاً أنه «على مستوى الشركات، فإن البنوك تفضل الأعمال المستقرة ذات الوضع الائتماني الممتاز، إذ أصبحنا نجد أنه من بين أربع أو خمس شركات، شركة واحدة فقط تحظى بالموافقة على التمويل عكس السابق، إذ كان بالإمكان تمويل ستة متعاملين من أصل سبعة تقدموا بطلبات على سبيل المثال».
وأضاف نصر أن «من بين الشروط أيضاً، التي تركز عليها البنوك حالياً: وجود تدفقات نقدية جيدة ومنتظمة، إضافة إلى نمو معقول في النشاط، ووجود ضمانات ممتازة تستطيع الشركة توفيرها مقابل الائتمان، ولها فترة زمنية بالسوق وتاريخ ائتماني جيد، فضلاً عن عدم أخذها تمويلات متعددة من أكثر من بنك».
تحويل الراتب
وبين نصر أنه «بالنسبة للأفراد، هناك تغيير في شروط منح التمويلات الشخصية، سواء قروضاً أو بطاقات ائتمان، وعلى سبيل المثال نجد معظم البنوك باتت تشترط تحويل الراتب، بعد أن كانت تتخفف من هذا الشرط، وتكتفي بنظام الخصم المباشر، بجانب رفع الحد الأدنى المطلوب للراتب والذي يؤهل المتعامل لأخذ تمويل، إضافة إلى زيادة مدة الخدمة المطلوبة في الوظيفة، إذ كان هناك اكتفاء بتمضية فترة ستة أشهر، أما الآن فيفترض ألا تقل المدة عن عام». وأشار نصر إلى أن «البنوك أصبحت تركز على موظفي الشركات في القطاعات المستقرة، وتبتعد عن تلك التي تشهد انكماشاً أو تقليصاً لعدد موظفيها، تفادياً للمخاطرة العالية».
موافقة مسبقة
من جهته، قال الخبير المصرفي، مهند عوني، إن «انتقائية المتعامل، سواء كان فرداً أو شركة، تركز على تضمينه أو وجوده داخل القوائم الموافق عليها سلفاً من قبل إدارة البنك، وتشمل أسماء الشركات والجهات المسموح لها ولموظفيها بالحصول على تمويلات، بناءً على تاريخ التعاون مع البنك».
وبين أن «الجهات والمؤسسات المدرجة في القوائم تتعاون مع البنك في ضمان القرض الذي يأخذه الموظفون لديها، بأن تلتزم بعدم تحويل راتبه إلى حسابه لدى البنك المقرض، ولا توافق على تغييره إلى بنك آخر إلا بكتاب خطي يفيد ببراءة ذمة المتعامل من أي التزامات، فضلاً عن عدم تحويل مكافأة نهاية الخدمة إلى أي بنك آخر، أو إعطائها للموظف بموجب شيك، بل توجه للبنك المقرض، وتحجز لسداد جزء من دينه».
عقود مستقبلية
وأضاف عوني أنه «بالنسبة للشركات، فإن البنوك أصبحت تبتعد عن تمويل الأعمال المرتبطة بالقطاعات التي تشهد تقلبات، أو عدم وجود طلب قوي فيها، مثل قطاعي النفط والبنية التحتية»، لافتاً إلى أن «وجود عقود مستقبلية مع جهات مضمونة بالنسبة للشركات التي تريد الحصول على تمويل يعد أمراً مهماً في تقييم جدارتها الائتمانية، إضافة إلى عمرها الزمني في السوق».
وذكر أن «كل حالة تتم دراستها على حدة، إذ أحيانا تنطبق الشروط الأساسية على الشركة الراغبة في التمويل، فيما ترى إدارة المخاطر رأياً مخالفاً، ترفض بسببه الموافقة على القرض، فهناك عوامل كثيرة متداخلة تحدد الأمر، خصوصاً في ظل الظروف الراهنة».
أداء الاقتصاد
بدوره، أوضح الخبير في إدارة المخاطر، مصطفى الركابي، أن «منح الائتمان يرتبط بأداء الاقتصاد بشكل عام، فكلما كان الأخير قوياً نشطت الأعمال وارتفعت وتيرة منح التسهيلات والعكس صحيح، إذ إنه في أوقات الانكماش نجد تحفظاً وتدقيقاً وانتقائية في الإقراض».
وقال الركابي إن «الوضع الاقتصادي العالمي يشهد حالياً تباطؤاً، وينعكس أثر ذلك على الأسواق المفتوحة، ومنها الإمارات».
مشيراً إلى أن «انتقائية المتعامل سياسة واستراتيجية تتحاشى بها البنوك أخذ مخاطرة مرتفعة، إذ نجدها تبتعد عن إقراض موظفي الشركات التي تقلص عمالتها، أو يعملون في قطاعات تشهد عدم استقرار، أو يتشبع بها السوق».
وأضاف أنه «كلما كانت المخاطرة في منح القروض مرتفعة، كلما زادت نسب الفائدة المفروضة عليها، والعكس صحيح».
وبين أن «عمل البنوك بالأساس يقوم على أخذ المخاطرة في أي تمويلات، ولا تأخذ ضمانات 100%، وإلا لما كانت هناك حاجة إلى التمويل من أساسه، لكنها في الوقت ذاته توفق سياستها حسب ظروف السوق، وما تشهده القطاعات المختلفة من نمو أو انكماش»، مشيراً إلى أن «ذلك ينطبق على تمويل الأفراد والشركات، على السواء».
المصدر: الإمارات اليوم