ما أن تطرح أمراً يتعلق بقضايا التأمين الصحي، حتى تجد من القصص والوقائع المؤلمة ما تهون أمامها القضية المطروحة بسبب التعقيدات التي جلبها معه النظام ويتعامل بها مع الإنسان بطريقة أقرب لنظرة شركات التأمين على السيارات، وهذا واقع ما يجري، خاصة مع الإنسان عندما يتقدم به العمر، حيث ترتفع أقساط التأمين الصحي المطلوبة منه، ناهيك عن ارتفاع أسعار الكشف الطبي والأدوية بصورة مبالغ فيها منذ تطبيق النظام الذي هدفت الدولة من خلاله لتشمل مظلة الرعاية الصحية الجميع، ولكنه تحول بسبب شركات التأمين الصحي لتجارة بمعنى الكلمة رغم محاولات وجهود دائرة الصحة في أبوظبي وشركة «ضمان» للتصدي لجشع بعض الأطباء والمستشفيات والمراكز الطبية الخاصة.
جلب «التأمين الصحي» معه ممارسات لم نكن نعرفها من قبل، حيث أصبح السؤال عن نوع بطاقة المريض يسبق اسمه وحالته، وأقرب مثال على ذلك ما رواه قبل أيام أحد الإخوة المواطنين في تغريدة له، حيث ذكر أنه تعرض لطارئ صحي عندما كان يوجد في معرض متخصص بدبي، وعندما طلبوا له سيارة الإسعاف ظل داخلها لأكثر من عشرين دقيقة للبحث عن مستشفى يوافق على استقباله لأن بطاقة «ثقة» التي يحملها لا تغطي خارج أبوظبي في بقية الإمارات، فطلب إدخاله لمستشفى خاص وعلى نفقته الخاصة لأن بقية المستشفيات لا تعترف بالحالة الصحية الطارئة إلا إذا كانت حادثاً أو نوبة قلبية أو جلطة. والحمد لله على سلامة صاحب الواقعة، ولكن التعليقات التي أعقبت تغريدته كانت مؤلمة، وكل واحد يروي موقفاً صعباً مر به بسبب ممارسات شركات التأمين الصحي. لذلك أدعو الهيئات والدوائر الصحية في مختلف إمارات الدولة للتوقف أمام دلالات ارتفاع حالات الذين يطرقون أبواب الجمعيات الخيرية لمساعدتهم على تحمل نفقات العلاج بصورة لم تكن معهودة من قبل.
هناك من المواطنين أو المقيمين من يستطيع تحمل التكاليف المادية في مثل هذه الظروف، ولكن هناك شريحة واسعة غير قادرة على تحمل الأسعار المبالغ فيها للخدمات الصحية والأدوية، وعلى تلك الدوائر والجهات مراجعة «المعايير العالمية» التي تتحدث عنها وهي ترد على الملاحظات الموجهة لها، فما يصلح في مكان ليس بالضرورة صالح هنا. والأمل يحذو الجميع بقرب صدور نظام اتحادي للتأمين الصحي يقضي على الاختلالات والاختلافات القائمة، ويقدم حلولاً جذرية متكاملة تتناسب مع «خمسين الإمارات» وهي تعبر باتجاه المئوية.
المصدر: الاتحاد