رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
في أواخر شهر أكتوبر الماضي، أبلغ مسؤولون أميركيون في مجال الصحة عن 34 حالة وفاة، و1604 حالات مؤكدة ومحتملة لمرض غامض يصيب الجهاز التنفسي، مرتبط بالتدخين الإلكتروني.
وبعدها بأسبوع واحد، أبلغت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، عن 1479 حالة إصابة، و33 حالة وفاة من المرض ذاته، وأعلنت المراكز على الفور خططاً لبدء فحص منتجات التدخين الإلكتروني في إطار تحقيقها.
النتائج الأولية تشير إلى أن الزيوت المستخدمة في التدخين الإلكتروني تحتوي على مادة «تي.إتش.سي»، المسؤولة عن التأثير النفسي في مادة الماريغوانا المخدرة، وهي تشكل خطراً على الصحة، وهذا ما يجعلنا نرفع أقصى درجات التحذير، بل يجعلنا نقلق بشدة من انتشار ظاهرة التدخين الإلكتروني، ليس بين الشباب فحسب، بل بين مختلف الفئات العمرية ذكوراً وإناثاً، للأسف الشديد!
التدخين الإلكتروني خطر للغاية كما ثبت، لكن الخطورة الكبرى تكمن في سهولة الحصول على السجائر الإلكترونية، وصعوبة السيطرة على دخولها إلى الدولة، فهي تصل حالياً بضغطة زر عن طريق التسوق الإلكتروني، ومن مواقع عالمية معروفة، والمسألة لا تستغرق سوى أيام قليلة فقط، ليطرق موظف التوصيل باب البيت، ويسلم العبوة لمن طلبها، بغض النظر عن معايير وشروط العُمر المطبقة في الدولة، ما يعني أن إمكانية وصولها إلى الصغار والأطفال أمرٌ وارد، بل سهل جداً!
ليس ذلك تخيلاً لسيناريو متوقع، بل هو واقع حدث فعلاً، والسجائر الإلكترونية وُجدت فعلاً بحوزة أطفال صغار في مدارس ابتدائية، والفضول يجعل أعداد مستخدميها منهم في ازدياد، وهناك من يحاول الترويج لها بشدة بين طلاب وطالبات الإعدادية والثانوية، كونها سجائر فقط في المرحلة الأولى، ومن ثم لخلطها بمواد مخدرة في المرحلة الثانية، ليفاجأ الأهل بعدها بوجود ابن مدمن أو ابنة مدمنة في بيتهم، وهذه بالفعل طامة كبرى!
المجرمون كثر، وتجار المخدرات يتلونون وينوّعون أساليبهم بشكل مستمر، وغالباً ما تكون الفئات العمرية الصغيرة هي الهدف، وهي الضحية، وهي الوسيلة لنشر الآفة بين زملائها، ومسيرة الإدمان تبدأ من حركة صغيرة، بهدف التقليد أو التجربة. فهل نستشعر الخطر، ونشدد الرقابة على أطفالنا وصغارنا وأولادنا وبناتنا، في المنزل وفي المدرسة وفي الفريج وفي كل مكان؟! فهم أغلى ما نملك، وهم أكبر ما سنخسر.
المصدر: الإمارات اليوم