رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
مؤسف جداً أن يجتمع إعلاميون ومحللون رياضيون ولاعب منتخب سابق، ويُخططوا لإعداد حلقة برنامج تلفزيوني مخصصة للدفاع عن لاعب منتخب ظهر في فيديو وهو يدخن الشيشة، ومهاجمة «الإمارات اليوم» لنشرها الخبر، والمؤسف في ذلك أنهم لم يدركوا معنى الرسالة العامة التي أطلقوها من هذه الحلقة، تلك الرسالة الإعلامية التي يُفترض وصولها للاعبين الصغار والطلاب الذين يتابعونهم ويتابعون ذلك اللاعب، إنهم بكل سذاجة يشجعون جيلاً كاملاً على سلوك التدخين الذي يتنافى مع الرياضة!
وبغضّ النظر عن أية تفاصيل أخرى، ومن دون التطرق إلى ما هو مسموح به وما هو محظور في النشر، وبعيداً عن الأسئلة السطحية التي يعرف جوابها أي إنسان عاقل مطّلع، من نوع: لماذا نشرتم اسم فلان ولم تنشروا أسماء الآخرين؟ بعيداً عن ذلك كله، لأن كل ذلك أمر بعيد عن لُب القضية وصلب الموضوع، فالأمر يتعلق بظاهرة غير صحية وسلوك غير سوي يمارسه لاعبون كثر، واللاعب المنشورة صورته هو نموذج ودليل ليس إلا، ألم يكن الأجدر بالبرنامج الرياضي المعروض على قناة رياضية «حكومية» رفض الظاهرة ومناقشة كيفية مكافحتها، بدلاً من أن يلبس عباءة محامي الدفاع عن لاعب مخطئ، وعباءة القاضي لمحاسبة الصحيفة على النشر!
لم نهدف إلى التشهير بإسماعيل الحمادي، والموضوع بعيد كل البعد عن ذلك، فاللاعب لم يرتكب جريمة ولم يخالف قوانين الدولة، وببساطة تدخين الشيشة ليس فعلاً مجرّماً في قوانين الدولة، واللاعب هو شخصية عامة يمارس فعلاً «مسموحاً به» في مكان عام، لكنه بالتأكيد ليس فعلاً صحياً سليماً للاعب محترف، وهو فعل مضر تكافحه الجهات المختصة لضرره على الصحة العامة، لذلك الأَولى باللاعبين المحترفين الذين يملكون قاعدة شعبية عريضة، وتُعتبر سلوكياتهم قدوة لأجيال وآلاف من الصغار والمبتدئين والمحبين لكرة القدم؛ أن يكونوا مثالاً حسناً، ويصبحوا نموذجاً يحتذى به في الحياة الصحية، وفي المحافظة على المظهر العام والصحة العامة، وأن يهتموا بكل ما هو مفيد للجسم والعقل، ويبتعدوا عن كل ما هو مضر. هذه هي الرسالة الحقيقية التي يجب أن يبثها كل لاعب لأبناء هذا الوطن من خلال سلوكه وتحركه وأخلاقه داخل الملعب وخارجه!
الدولة من خلال الأندية تصرف المليارات على اللاعبين، ألم يتساءل ذلك المذيع «المتحمس جداً»، والمحللون واللاعب السابق الكبير، عن سبب هذا الصرف؟ هل هو من أجل تبذير تلك الأموال على الشيشة وغيرها من السلوكيات السيئة، أم من أجل بناء جيل رياضي راقٍ يمثل الدولة في المحافل الدولية، ويؤثر إيجابياً في الأجيال الصغيرة الناشئة، ويوجههم نحو حياة صحية ورياضية، بهدف حمايتهم من أية انحرافات أو سلوكيات سلبية تضرهم وتضر المجتمع؟! قديماً قال الأوائل: «التفاحة الفاسدة تُفسد بقية التفاح»، ولو ظل الجميع صامتاً على هذه الممارسات السلبية من اللاعبين، فنحن بأيدينا نسهم في تدمير أخلاقيات جيل كامل، لذلك علينا ألا ننظر إلى إسماعيل الحمادي، بل إلى سلوكه السلبي الذي سيضر به آلاف الصغار الذين يتابعونه ويقتدون به، فهل هو المثال الذي نرغب في أن نشاهده في أبنائنا وصغارنا؟ وبغضّ النظر عن مستواه الفني وأدائه في الملعب، فالرياضة أخلاق وتربية قبل أن تكون كرة وأهدافاً، وإذا لم يدرك لاعبونا إلى اليوم أهمية الأخلاق قبل الرياضة، فلا مانع أن يتعلموا ذلك عن طريق النشر، فهو وسيلة لجعلهم يتعلمون كيفية ضبط حياتهم خارج الملعب!
الاحتراف لا يعني الحصول على الملايين دون مقابل، الاحتراف التزام أخلاقي وبدني، والاحتراف أسلوب حياة أفضل للاعبين خارج الملعب يساعدهم كي يقدموا أفضل ما عندهم داخله، أما ما يحدث هنا في الإمارات فهو شيء آخر، أطلقوا عليه ما شئتم لكنه ليس احترافاً!
المصدر: الإمارات اليوم