التنمية المستدامة هي صمام أمان لاستقرار الدول. والتنمية، بمفهومها الشامل، منظومة متكاملة من القيم والمفاهيم يتداخل فيها السياسي بالاجتماعي بالاقتصادي. فلا تنمية حقيقية مع الفساد. ولا إبداع في الاقتصاد تحت مظلة الاستبداد. ولهذا، وعبر حوارات طويلة شهدتها فعاليات قمة (ريو + 20) التي اختتمت أعمالها قبل أمس في ريود وجانيرو، كانت «التنمية المستدامة» محوراً أساسياً في النقاش والمداولات.
لا يمكننا اختزال المصطلح في جانب بيئي أو اقتصادي وإغفال الجوانب الأخرى مثل مكافحة الفساد ورعاية حقوق الإنسان وحق التعبير. وما قصة دول «الربيع العربي» إلا نتيجة -من ضمن مشكلات أخرى- لغلبة الإنفاق على الجهاز الأمني على الإنفاق في قطاعات التعليم والثقافة والصحة والبنى التحتية. فهل أحرق البوعزيزي نفسه احتجاجاً على استمرار بن علي في حكم تونس لأكثر من عقدين؟ وهل فعلاً قامت الثورات في العالم العربي لأن العرب استيقظوا فجأة واكتشفوا توقهم للديموقراطية وصناديق الاقتراع؟
صحيح أن حق الناس في اختيار من يمثلها واختيار طريقة الحكم في وطنها ضمن مبادئ التنمية المستدامة التي نتحدث عنها في هذه القمة. لكن ما فائدة الديموقراطية إن لم تأت بتنمية حقيقية؟ وبالمقابل: أي تنمية ستتحقق إن لم تكن الناس راضية عن آلية الحكم وأساليب اختيارها؟
دعك الآن من هكذا حوار. إنه حوار نخب لا تقوى على شيء خارج دائرة التنظير. الشباب، وهم الغالبية، أدركوا سرَّ قوتهم وقد أتاحت لهم تقنيات العصر تنظيم أفكارهم وصف صفوفهم ضدّ ما يرون فيه سلباً لحقوقهم. إذن المسألة مسألة سباق مع الزمن: فإما أن تسارع الحكومات -بصدق وجدية- في تنفيذ مشروعات إصلاحية وتنموية ضخمة وإلا سُحب البساط من تحت أقدامهم مهما كان الثمن! فأيهما يأتي أولاً: التنمية أم الإصلاح؟ وكيف تتحقق تنمية من دون إصلاح؟ وقائمة طويلة من الأسئلة لم يسعفنا الوقت لمناقشتها في البرازيل!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق السعودية بتاريخ (٢٤-٠٦-٢٠١٢)