أوقف تفشي فيروس كورونا المستجد جميع أوجه الحياة الاجتماعية في جميع أنحاء العالم، وقد وصلت المعاناة أيضاً إلى تجارة الزهور، ولكن، أين تذهب هذه الزهور التي لا يريدها أحد خلال فصل الربيع؟
لا تعد الزهور ضمن المستلزمات الأساسية للإنسان، فهي ليست من العناصر المهمة في الحياة اليومية.
والزهور في الظروف الطبيعية هدية رائعة، مكانها المزهرية، ولكن في ظل ما يشهده العالم من تفش لوباء كورونا، صار مكانها سلة المهملات، أو إضافتها إلى السماد.
ويمكن رؤية كومة من سماد الزهور غير المرغوب فيها، في الساحة الخاصة بشركة عائلة «أوفرلوبر» في دينسلاكن بولاية شمال الراين فيستفاليا، غربي ألمانيا.
ويقول أحد أفراد الشركة التجارية التي تملكها العائلة، والتي تقوم ببيع أصص النباتات الخاصة بالمنازل والحدائق: «نضع أموالنا في النباتات.. إنها مشكلة وجودية حقيقية».
ويعاني بائعو الزهور في أنحاء أوروبا حالياً صعوبات كبيرة.
وجاء تفشي وباء كورونا خلال ذروة الموسم الحالي للزهور، الذي يشهد الاحتفالات بعيد الفصح وعيد الأم. فالطبيعة تزدهر، ويشعر الزبائن بالشوق لرؤية ألوان الزهور المبهجة في أركان المنزل، ليودعوا بها فصل الشتاء.
وفي هولندا، يعج الريف في فصل الربيع بكميات لا حصر لها من حقول زهور التيوليب المتفتحة بألوانها الزاهية، الوردي والأحمر والأصفر والبنفسجي.
وفي أي عام عادي، من شأن هذا المنظر الرائع أن يجذب 1.5 مليون سائح، ولكن هذا العام يتسم كل شيء بالهدوء. وقد تم وضع أحواض كبيرة من الزهور غير المرغوب فيها أمام ساحات زارعي الزهور، التي تعرض على السيارات المارة والنادرة، شراء 50 من زهور التيوليب مقابل خمسة يورو فقط (5.40 دولارات).
وتقوم هولندا سنوياً بتصدير نباتات وزهور تقترب قيمتها من ستة مليارات يورو، إلا أن فيروس كورونا أدى إلى توقف هذه التجارة.
ويقول المتحدث باسم شركة «رويال فلورا هولاند» لمزادات بيع الزهور، ميشيل فان شي، أضرت الحدود المغلقة وقلة فرص البيع بصناعة الزهور كثيراً.
وعادةً ما يشهد شهر مارس حالة من النشاط في صالات المزادات الخاصة بمجموعة من شركات بيع الزهور الهولندية في ألسمير، بالقرب من أمستردام، وهي أحد أكبر مراكز تجارة النباتات والزهور في العالم.
وفي أي عام عادي، يصل حجم التجارة بدار المزادات إلى 12 مليار قطعة من النباتات والزهور، أما الآن، فهناك حالة من الركود التام.
وليس هذا الأمر بغريب، فقد وضع الفيروس نهاية لكل مناسبة كان الناس عادة ما يقدمون الزهور لبعضهم بعضاً فيها،، بداية من أعياد الميلاد، والمناسبات الدينية، إلى حفلات الزفاف، وحتى الجنازات.
كما تم حظر زيارات المرضى أثناء فترات النقاهة والاستشفاء، وإلى دور رعاية المسنين. ويقول فان شي: «لم نعد نلتقي أشخاصاً، فلمن نقدم الزهور!».
ونتيجة لذلك، دعا الاتحاد الهولندي شركات الزهور إلى عرض نحو ربع منتجاتهم فقط في المزادات اليومية، لتوفير مصروفات نقل الزهور التي لا يقبل عليها أحد.
أما بقية الكمية، التي تشكل أغلب الإنتاج، فيتم التخلص منها. وفي ذلك يقول فان شي: «لم نشهد مثل هذا الأمر من قبل».
من ناحية أخرى، يقول نوربرت إنجلر، رئيس الاتحاد الألماني لتجارة الزهور بالجملة، واستيرادها: «نقوم حالياً بالتخلص من أطنان من الزهور في سلات القمامة».
وقد تراجعت مبيعات الزهور إلى نحو 20% من حجمها الطبيعي، كما أصبح الكثير من أكشاك بيع الزهور القادمة من إفريقيا والموجودة في المتاجر الكبرى، فارغاً. ويوضح إنجلر أن السبب وراء ذلك هو توقف طرق النقل.
وفي الوقت نفسه، تقول شركة «رويال فلورا هولاند» إن المبيعات تراجعت بنسبة تزيد على 70%. وفي حال استمرت الأزمة الحالية، يتوقع أن يبلغ إجمالي خسائر قطاع الزهور ثلاثة مليارات يورو بدلاً من مليارين.
وحتى في الأماكن التي ظلت فيها متاجر الزهور مفتوحة، فإن الطلب ضعيف، ما يؤدي إلى وجود كمية من النباتات غير المرغوب فيها، التي غالباً ما يتم التخلص منها بإضافتها إلى السماد.
ويقول إنجلر: «حتى النباتات المنزلية يتم تدميرها، وذلك ببساطة، بسبب عدم وجود مبيعات. إنه أمر في غاية السوء».
المصدر: الإمارات اليوم