ضابط في شرطة دبي برتبة مقدم ، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة في إدارة التغيير وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، مهتم في مجال الجودة والتميز المؤسسي ، يعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث التميز بالإدارة العامة للجودة الشاملة بشرطة دبي
يقول الدكتور راغب السرجاني عن (فكرة) قبل أن تكون قصة حفر الخندق: أخذ المسلمون الأمر بمنتهى (الجدية)، وبدأوا يفكرون في الأزمة القادمة بـ(إيجابية)، وكان أول ما فعلوه تكوين (مجلس الشورى) .. وهكذا تكون البداية الصحيحة، مجلس من المهاجرين القرشيين والأنصار الأوس والخزرج، وغيرهم من القبائل المختلفة، بل إن فيهم من ليس عربياً أصلاً مثل بلال الحبشي وسلمان الفارسي، رضي الله عنهما، وهنا تتجلى عظمة الدين الإسلامي. ونلاحظ هنا كيف تتراكم الخبرات داخل الأمة الواحدة نتيجة تجميع كل العناصر والقبائل والأجناس والبلاد تحت راية واحدة.
وسلمان الفارسي وفي المشاركة الأولى له مع صفوف المسلمين، لم يشعر أبداً أنه غريب، هذه هي دولته، وهذه هي أمته، وهذا دينه، فقال: يا رسول الله، إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا. سمع رسول الله وصحابته الفكرة، فأعجبتهم، وعلى الفور ظهر الحسم وعدم التردد، فأخذوا قرارهم مباشرة بالبدء بحفر الخندق.
يضيف د. السرجاني بقوله: إن هذه المهمة كانت مهمة مستحيلة فعلاً، مستحيلة بكل المقاييس، إذ إن عملاً كهذا لو تم في زمننا هذا في أسبوعين لاحتاج إلى أكثر من مئتي رافعة أثقال، وآلاف المعدات الإلكترونية، وعشرات سيارات النقل الكبيرة، كما يحتاج إلى إدارة هندسية كاملة، ومجموعة من الاستشاريين المتخصصين في الحفر، ولكي نعرف صعوبة هذا المشروع، من الممكن أن نقارنه مثلاً بمشروعات مترو الأنفاق في المدن الكبرى، ومدى صعوبتها، واستغراقها لسنوات طويلة حتى تتم.
في هذه القصة أفكار ودروس، فعند الأزمات يظهر التمايز، فهنا الحبيب عليه السلام استشار، لم يستشر طائفة بعينها، بل أتاح للجميع المشاركة، فتنوع الآراء مطلب، وإن اختلفنا، ولكن أهم دروس حفر الخندق على الإطلاق كان «الإقدام على المخاطرة» مع الإيجابية .. رأينا كيف النبي صلى الله عليه وسلم أُعجب بالجديد بالرغم من غرابة الفكرة، كما رأينا كيف كان هناك حرص، ولم يكن خوف .. هناك مباغتة، ولم تكن هناك عشوائية، عمل دون كسل، وتنظيم بشكل مميز حتى تحقق هدف حفر الخندق.
في زمن التحديات نحن بحاجة إلى إقدام ومبادرات في اتخاذ أصعب القرارات، المهم والأهم تحمل المسؤوليات والاعتراف بالخطأ والفشل إن لا قدر الله حدث.
يقول صاحب الفيسبوك Mark Zuckerberg
«The biggest risk is not taking any risk ..!».
المصدر: صحيفة الرؤية