كاتب ومستشار قانوني إماراتي
«الحرب للسلام» هي فكرة تاريخية وفلسفية معقدة، تتحدث عن العلاقة الجدلية حول الحرب كأداة لتحقيق السلام، والتي تمتد جذورها في سياقات متعددة عبر التاريخ. لطالما كانت الحرب وسيلة لدى بعض القادة والمفكرين لتحقيق رؤى معينة للسلام، سواء كان ذلك من خلال فرض النظام أو إعادة ترتيب القوى في العالم.
ومع ذلك، يظل السؤال الأساسي قائماً: هل الحرب ضرورة لتحقيق السلام أم أن هناك بدائل أفضل وأكثر ديمومة؟!
منذ القدم، اعتبر بعض القادة أن الحرب هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق الاستقرار.
على سبيل المثال، كان يُعتقد أن الإمبراطوريات العظيمة – مثل الإمبراطورية الرومانية – قامت بنشر السلام داخل حدودها الواسعة من خلال الغزو والقوة العسكرية. هذا النوع من «السلام» المعروف باسم «باكس رومانا» لم يكن نتيجة للمفاوضات أو التفاهم، بل لفرض القوة والسيطرة على الشعوب.
في العصر الحديث، يعتبر أدولف هتلر أحد الأمثلة على من آمنوا بأن الحرب هي الطريق لتحقيق نظام عالمي جديد.
في كتابه «كفاحي» أعرب عن قناعته بأن إعادة تشكيل أوروبا والعالم تستلزم القضاء على الأعراق والدول التي اعتبرها تهديداً من وجهة نظره، كانت الحرب وسيلة لتحقيق «السلام» الذي ستحكمه ألمانيا النازية.
ومع ذلك، هذا «السلام» كان مبنياً على الدمار والظلم، وهو ما أثبتت الحرب العالمية الثانية مدى فظاعته وعدم استدامته.
من الناحية الفلسفية، ناقش العديد من الفلاسفة والمفكرين فكرة الحرب كوسيلة للسلام. يرى الفيلسوف الألماني هيجل أن الصراع ضروري لتحقيق التقدم التاريخي بالنسبة له، الحرب هي أحد محركات التطور الاجتماعي والسياسي، حيث يُعتبر الصراع أداة لتطوير الدول والمجتمعات.
في المقابل، دعا فلاسفة مثل إيمانويل كانت إلى تحقيق السلام من خلال القانون والعدالة، معتبراً أن السلام لا يمكن أن يُبنى على الحرب، بل على التعاون الدولي والمؤسسات القانونية.
رغم أن الحروب قد تؤدي في بعض الأحيان إلى تحقيق توازنات جديدة تسهم في استقرار مؤقت، إلا أن السلام الحقيقي المستدام يحتاج إلى ما هو أكثر من القوة العسكرية.
السلام الذي يعتمد على العدل والمساواة والاحترام المتبادل هو الذي يدوم. الحرب قد تكون أحياناً ضرورة لوقف العدوان أو التصدي للظلم، لكنها يجب ألا تكون الخيار الأول أو النهائي لتحقيق السلام.
المصدر: الإمارات اليوم