رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
أكثر الأسئلة شيوعاً في هذا الوقت، متى سننتهي من أزمة فيروس «كورونا»؟ الجميع يريد أن يعرف الإجابة، لكن للأسف الشديد، سؤال لا إجابة له، لا يستطيع أحد في العالم بأكمله أن يضع تاريخاً لانحسار الفيروس، كما لا يستطيع أحد أن يتكهن بموعد انتهاء هذه الأزمة الصعبة!
لكن هل يعني ذلك الاستسلام التام للفيروس؟ وهل يعني ذلك نهاية العالم؟ بالتأكيد ليس الأمر كذلك، فرغم صعوبة الوضع، ورغم شراسة الفيروس وسرعة انتشاره، ورغم آثاره المدمرة لاقتصادات الدول، وضغطه على الأنظمة الصحية، وتهديده المباشر لحياة البشر، إلا أن هناك ضوءاً من الأمل يظهر في نهاية هذا النفق المظلم، هذا الضوء الذي يمكن أن ينتشر شيئاً فشيئاً، ليصبح نوراً، ثم يمكنه أن يتحول إلى نهار، هو سلوك البشر، وكيفية تعاملهم مع الفيروس بوضعه الحالي، من دون علاج أو لقاح، لكن باستخدام العقل، واتباع الإرشادات والتعليمات الكفيلة بحمايتهم وأهاليهم، من التقاط هذا الفيروس.
بالتأكيد ليس الأمر بهذه السهولة، لكنه ليس مستحيلاً، فالحياة في ظل وجود الفيروس أمر صعب لا يمكن استيعابه أو تخيله، لكنّ هناك حلاً وحيداً متاحاً حالياً، الحل هو وقاية الإنسان لنفسه، ومن ثم محيطه، وبيئته، والتزامه التام باتباع الإرشادات والتعليمات والتوجيهات الحكومية في هذا الشأن.
الالتزام هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة، والجهات المختصة هي الأدرى بتقييم الوضع، وهي الأعلم بالإجراءات الضرورية التي يمكن اتخاذها، وتوقيت اتخاذ هذه الإجراءات، وعلى الجميع الالتزام فقط لا غير، البقاء في المنزل 24 ساعة حالياً، أو أي توقيت آخر تفرضه الحكومة، والالتزام بالتعليمات الصحية أثناء الخروج، وبصرامة تامة لا تقبل التهاون أو التساهل.
هذه التعليمات ليست مستحيلة التنفيذ، بل ممكن جداً اتباعها وبسهولة، من دون الشعور بالضجر أو الضيق.
سلوك البشر هو المؤشر الحقيقي إلى انتشار المرض، كلما تهاونوا في إرشادات الوقاية وتعليمات الدولة انتشر الفيروس، وعرّضوا أنفسهم وعائلاتهم للخطر.
وكلما التزموا بالأوامر قلّت أعداد المصابين، وقلّ انتشار الفيروس، فما الذي يمنعنا من الالتزام؟ وما الذي يمنعنا من عدم ارتداء الكمامة في كل مكان؟ وما الذي يمنعنا من الابتعاد الجسدي والاجتماعي؟ وما الذي يمنعنا من حماية أوجهنا من أيدينا قبل غسلها أو تعقيمها؟ وما الذي يمنعنا من البقاء في منازلنا؟!
بعث لي صديق خاطرة جميلة، تقول: «ماذا لو كان الفيروس لا يعيش إلا داخل البيوت، وطُلب منّا إخلاء منازلنا، والبقاء في الخارج، فأي أرض ستستوعبنا؟ وأي سماء ستظلنا في دول تعيش في صقيع، وأخرى في حرارة شديدة؟ كيف ستكون حياتنا اليومية؟ كيف سنأكل، وكيف سنلبس، وكيف سننام؟».
اعقلوا يا من تتمردون وتتذمرون من الحجر المنزلي، والزموا منازلكم، فنحن في نعمة رغم البلاء.
المصدر: الإمارات اليوم