رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
بعد جولة استمرت لأكثر من ساعتين ونصف الساعة، تفقّد فيها معظم أجنحة المشاركين في فعاليات الدورة الـ35 لـ«أسبوع جيتكس للتقنية 2015»، الذي يُقام بمشاركة عريضة من 62 دولة حول العالم، سألتُ سمو الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم، ولي عهد دبي، الذي افتتح المعرض، «بعد هذه الجولة الطويلة والمتعبة كيف تقيّم مستوى الأجهزة والتقنيات المعروضة؟».
أجاب سموه إجابة لم تكن تقليدية، وبصراحة لم أتوقع أن أسمعها، لكنني أدركت ما يقصده سموه، بعد أن استرجعت تلك الساعات التي مرت علينا صباح أمس، منذ افتتاح المعرض وحتى انتهاء جولة الشيخ حمدان بن محمد، مروراً بكل الأجنحة التي تعرض آخر ما توصلت إليه التقنية في عالم الأجهزة والتطبيقات و«إنترنت الأشياء»، الذي سيكتسح العالم قريباً، ليُشكل ثورة جديدة تُعادل في صدمتها للبشرية ثورة القطار البخاري قديماً، وثورة الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة.
يقول سمو الشيخ حمدان بن محمد في معرض إجابته عن السؤال: «المعرض متميز كالعادة، لكني لا أنظر فقط للمعروض من الأجهزة، بل أنظر إلى الموضوع من زاوية أكبر، زاوية الحياة والموت!!».
تساءلت في نفسي، تماماً كمن يقرأ هذه الجملة الآن، وما علاقة الموت والحياة بمعرض جيتكس؟ والإجابة في الشرح الذي قدمه سموه، بعد أن لاحظ استغرابي، فقال: «الموت هو لحظة، لحظة ينتهي فيها كل شيء، لكن ما قبل الموت، وما قبل هذه اللحظة، هناك حياة، وهي أهم بكثير من الموت، وأنا هنا أنظر إلى هذا المعرض من زاوية الحياة، فأُعجب بكل ابتكار وإبداع يجعل الحياة أفضل وأسهل، وأنظر إلى العارضين والشركات على أنهم صُنّاع للحياة، لا يهم عدد الأجهزة الجديدة المعروضة، بقدر ما يهمنا الإبداع في ابتكار الأجهزة، ولا يهم عدد المشاركين بقدر ما تهمنا الحيوية والشعور بالحياة تدبّ في كل الأطراف، ولهذا فإن (جيتكس) يحقق زيادة سنوية في المشاركين والعارضين والزوّار، بشكل تلقائي، لأنهم جميعاً هُنا في دبي ليصنعوا حياة أفضل».
فلسفة جميلة جداً من شاعرٍ مرهف الحس، أبدع في شعر الحكمة، وإنسان ينبض حيوية، وشخص يعشق التفاؤل ويمقُت السلبية، مملوء بالحيوية والنشاط، ولذلك فإنه لمس ونشر الحيوية في كل أركان المعرض وزواياه، تفقّده لساعات من دون ملل أو تعب، على الرغم من أن جميع من رافقه شعروا بالتعب، وشيء من إرهاق التجوّل في معرض ضخم بحجم (جيتكس).
كلماته ظلت تتردد في الذاكرة التي استرجعت أروع مشاهد المستقبل من خلال أجنحة العارضين، عندها فقط استوعبتُ رسالة حمدان بن محمد، فهناك التنافس والتطور التقني غير المسبوق في تسخير التقنية لمصلحة حياة البشر، هناك «المول الذكي» و«المدينة الذكية»، وهناك السيارات الذكية، و«الشرطي الآلي» الذي يظهر للمرة الأولى في المنطقة، ويستطيع إجابة الجمهور عن جميع أسئلتهم المتعلقة بخدمات الشرطة، وهناك خدمات صحية وتعليمية فائقة الجودة، وعنونة ذكية، وبوابات سفر ذكية، والكثير من تفاصيل حياة المستقبل يعرضها أضخم معرض من نوعه، تقدمه للعالم مدينة صُنع الحياة، مدينة دبي.
المصدر: صحيفة الإمارات اليوم