رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
مفهوم التميّز، رغم التركيز عليه كثيراً في السنوات الماضية، لايزال غير واضح عند كثير من الموظفين، بل معظمهم لا يعرف الفرق بين أداء الواجب المطلوب منه، وبين التميّز الذي يستحق عليه التكريم والثناء، هذا الخلط قد يكون متعمداً، خصوصاً عند تلك النوعية السلبية جداً وغير المنتجة من الموظفين، وقد يكون سوء فهم عند البقية.
عندما تؤدي جميع المهام الموكلة إليك كموظف، وتنجز جميع المعاملات اليومية المطلوبة منك، وتقضي ساعات العمل المطلوبة منك وأنت منهمك في أداء مهام الوظيفة، فإنك موظف جيد، لكنك لست متميزاً، ولا يستدعي الأمر تكريمك وصعودك إلى منصات التتويج، فأنت تقوم بالمهام التي تتقاضى مقابلها راتباً شهرياً يتناسب مع ساعات العمل، ويتناسب مع المهام المطلوبة منك، في حين يحق للإدارة أن تُحاسبك وتُعاقبك إذا لم تنجز هذه الأعمال في الوقت المطلوب.
لا علاقة لذلك بالتميّز، فقيام الموظف بعمله، هو واجب لا مِنّة، وهو أمر بدهي يُفترض أن يؤديه الموظف على أكمل وجه، من دون أن يطالب بترقية أو تكريم، لأنه إن لم يؤدّه بالشكل المطلوب فهو لا يستحق الراتب الشهري الذي يتقاضاه، فالراتب نظير عمل كامل لا عمل منقوص، وليس عُذراً أن يقارن الموظف إنتاجه بإنتاج من هو أقل منه جهداً وعملاً، ويعتبر عمله مقابل الضعيف إنجازاً، للأسف مثل هذا التفكير موجود لدى كثيرين، وهو تفكير سلبي مؤسف!
أن تتجاوز جميع التوقعات، وأن تُبدع في تطوير مهامك، وأن تُنجز مهامّ غير مطلوبة منك وعلى الوجه الأكمل، وأن تعمل باجتهاد أثناء وخارج ساعات الدوام الرسمي، من دون كلل أو ملل، تُخطط بإبداع في خفض تكاليف العمل، وتعمل بفاعلية لزيادة إنتاجيتك وإنتاجية الموظفين، فهذه الأعمال، وغيرها كثير، يستحق مَن يفعلها لقب موظف متميز، ويستحق على إثر ذلك كل مجتهد من هذا النوع الترقية والتكريم والصعود إلى منصات التكريم.
فرق شاسع جداً بين المفهومين، ولا مجال للخلط بينهما، هناك عمل مقابل راتب شهري، وهناك جهد كبير إضافي، غير محدد بمهام وساعات عمل، يستحق التكريم، والجهات والدوائر والمؤسسات الحكومية تعجّ بالموظفين من جميع الفئات، فئة الموظفين السلبيين ضعاف الإنتاجية أقوياء اللسان، لا يعجبهم شيء ولا أحد، دائمي التذمر والشكوى، وفئة الموظفين الجيدين الذين يؤدون المهام المطلوبة منهم كاملة، ويعتقدون بذلك أنهم متميزون، وفئة الموظفين المبدعين الذين يؤدون مهام لم تطلب منهم وخارج نطاق عملهم أحياناً، ويؤدونها بأفضل صورة ممكنة، هؤلاء غالباً ما يفاجئون العملاء والمسؤولين عنهم بعملهم وإبداعهم.
المصدر: الإمارات اليوم