كاتب وإعلامي سعودي
أعتقد أن زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأميركية وقبلها للقاهرة ولندن، بدأت انعكاساتها تظهر على المنطقة، خصوصا على الدول الداعمة للجماعات الإرهابية، إذ تأتي إيران وقطر على رأس هذه الدول.
وتأتي زيارة الأمير محمد بن سلمان في ظروف حساسة تمر بها المنطقة، وقدر على المملكة أنها تمثل الحصن القوي والحامي لمنظومة الأمن العربي، وإيران من خلال دعمها لجماعة الحوثي في اليمن، أرادت أن تخلق «حزب الله» جديدا على حدود المملكة، ولم تتردد في دعم هذه الجماعة الانقلابية بالأسلحة والصواريخ التي تهدد سيادة وأمن المملكة، وفي لقاء ولي العهد مع وزير الدفاع الأميركي صرح الأخير بأن المملكة هي جزء من الحل، وأن الحل للأزمة اليمنية سيحفظ حقوق الشعب اليمني ودول الجوار، مبيناً أننا مقبلون على استحقاق سياسي في اليمن، مؤكداً أن دول التحالف العربي بقيادة المملكة لم يكونوا دعاة حرب هناك، منوها الى أن الكل يتذكر الجهود والدعم السعودي للحوار الوطني اليمني ومباركة الرياض لمخرجات ذلك الحوار وأتت بعدها المبادرة الخليجية، ولكن يبدو أن رأس الأفعى المتمثل بالنظام الإيراني أخطأ حساباته بعيد توقيع الاتفاق النووي مع مجموعة الخمس زائد واحد إبان إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، والذي تميزت سياسته في الشرق الأوسط بالمراهنة على الحل السلمي للملف النووي الإيراني مع تجاهل تام لمصالح حلفاء واشنطن في المنطقة، مشيراً إلى أن هذا الغرور الإيراني دفع الجماعات الإرهابية والانقلابية التابعة لها في منطقتنا ومنها جماعة الحوثي للانقلاب على الشرعية اليمنية، ولولا تدخل المملكة ومعها دول التحالف لكانت هذه الجماعة مسيطرة على اليمن من شماله إلى جنوبه.
لا يمكن وصف السياسة الأميركية السابقة إلا بالرخوة والانعزالية، ولكن يبدو أن وصول الرئيس ترامب إلي البيت الأبيض غير المعادلة في التعاطي مع إيران وسياساتها الإرهابية في المنطقة. الكل يتذكر أن ترامب وصف الاتفاق النووي مع إيران بأنه الأسوأ على الإطلاق، وأنه تم إبرامه من منطق ضعف، وقد ردد ترامب خلال حملته الانتخابية هذا الشعار، وفهم البعض أن ذلك لا يعدو جزءا من العملية الانتخابية، ولكن الواقع خصوصا في الآونة الأخيرة يعطي مؤشرات أن الإدارة الأميركية جادة في محاصرة إيران، وقد يكون إلغاء هذا الاتفاق قريبا جدا، لاسيما مع التغيرات الأخيرة في الإدارة الأميركية، والمتمثلة بإقالة وزير الخارجية ريكس تيلرسون وتغير مستشار الأمن القوي بجون بولتون الذي له مواقف ثابتة عبر عنها في أكثر من محفل سياسي أن الحل من إيران هو بتغير نظامها الإرهابي والتوسعي.
لا نعرف على وجه الدقة إلى أين ستذهب السياسة الأميركية في التعاطي مع النظام الإيراني؟ وهل ستصل إلى العمل العسكري أم في سياسة احتواء جديدة تضعف النظام من الداخل الذي هو أصلا يعاني منها، وتتمثل بالمظاهرات الشعبية الأخيرة والتي رفعت شعارات معيشية في بدايتها، ولكنها لم تغفل عن المضامين السياسية لعبث النظام في طهران في تبديد مقدراته على جماعات إرهابية بالخارج؟
لا شك أن ما يحدث في واشنطن يبعث برسائل مزعجة ومخيفة لطهران وحلفائها في المنطقة والنظام القطري في الدوحة ليس ببعيد عن ذلك، وقد يكون التباكي القطري الأخير وترديده بأن حل «الأزمة الخليجية» بالرياض، وإدراج الدوحة كيانات وأفراد في قوائم إرهابية، هو نتيجة لما يتشكل في واشنطن.
المصدر: الحياة