رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
الجميع عليه أن يتحلّى بالمسؤولية المجتمعية، هذا كل ما في الأمر. إنها ظروف استثنائية صعبة على الجميع، على الحكومات والأفراد والتجّار، لذلك فالمبادرات التي أطلقها تجّار ورجال أعمال إماراتيون، في الأيام الماضية، في مواجهة هذا الفيروس الخطير، تثلج الصدر، وتكشف عن معدنهم الطيب، وحبهم وإخلاصهم وانتمائهم لهذا البلد، فكل الشكر والتقدير والاحترام لكل من أسهم بأي مبادرة إنسانية. وعندما نطالب الشركات الضخمة والتجّار ورجال الأعمال بالإسهام والتعاضد مع المجتمع في هذه الظروف، فليس الهدف إطلاقاً التهجم عليهم، ولا النيل منهم، ولا توجيه أي اتهامات. نريد أن نشعر بأنهم سند وعون للمجتمع وللحكومة، لا أكثر.
الوقت يمر بصعوبة عليهم أيضاً، وهم كذلك يتعرّضون لخسائر، ولا ننكر ذلك، فالأزمة عالمية، وما يعانونه هنا يعانيه نظراؤهم في جميع دول العالم، لكن هذا لا يعني الوقوف في خانة المتفرج، كما لا يعني التخلي تماماً عن فكرة المساهمة المجتمعية، ولو بأبسط الأشياء. هناك نماذج كثيرة، وأمثلة لا حصر لها، طبقتها شركات في الصين وأوروبا وغيرها، وهناك أمثلة مشرّفة لتجّار في الخليج، في الكويت والسعودية وغيرهما، لم تمنعهم الأزمة من المشاركة، ولم تكن الخسائر عذرهم للصمت!
الأمر سهل وبسيط، حتى وإن كان من باب إعفاء بعض المستأجرين من دفع إيجارات، أو تقديم خدمات مساندة للجهود الحكومية بأي شكل من الأشكال، أو توفير السلع بأسعار معقولة من دون استغلال للوضع العام، أو أي مبادرات إنسانية مهما كان شكلها أو حجمها.
هم كذلك يستحقون الدعم، وهم أيضاً يحتاجون تدخلاً حكومياً، لا ننكر ذلك، فالحكومة التي وقفت معهم في الرخاء واليسر، ووفرت لهم الإمكانات والتسهيلات، وكل مقومات عالم المال والأعمال، بالتأكيد لن تتخلى عنهم اليوم، وهي تدرك تماماً وتثمّن دورهم وأهميتهم وثقلهم الاقتصادي، وهذا ما لمسناه منذ بداية الأزمة، حيث القرارات الحكومية بضخ 100 مليار درهم، وتقديم حزمة تسهيلات ومساندة لكل القطاعات الاقتصادية. ولاشك إطلاقاً في أن مثل هذه القرارات لن تتوقف لدعم القطاعات المتضررة من فيروس «كورونا».
الجميع يجب أن يساعد الجميع، هذا هو المبدأ، والمطلوب الآن أن تراجع كل الجهات والدوائر الحكومية قوانينها وقراراتها ورسومها، لتقليل الآثار السلبية المترتبة على الشركات ورجال الأعمال، حتى وإن اضطرت إلى تعليق بعض الرسوم، أو تعليق الضرائب استثنائياً لأشهر مقبلة عدة، تماشياً مع الظروف الاستثنائية التي تعانيها الأسواق والشركات، وفي مقابل ذلك تعيد هذه الشركات وكبار المستثمرين والتجّار حساباتهم في التسهيل على صغار المستثمرين، والإسهام في دعم الجهود الحكومية.
المولات التجارية تستحق دعماً خاصاً في ما يتعلق بفواتير الكهرباء والماء ورسوم التراخيص مثلاً، وأصحابها في المقابل مطالبون بإعادة النظر في الإيجارات التي يفرضونها على أصحاب المحال والمطاعم الذين يعانون ظروفاً أصعب بكثير من أصحاب المولات!
بالأمس تلقيت رسالة من أحد روّاد الأعمال الشباب، يشتكي فيها رفض إدارة مول شهير مناقشته في خفض الإيجارات، يقول لهم مبيعاتي وصلت إلى الصفر بسبب فيروس «كورونا»، ويقولون له بل بسبب «ضعف التسويق لديك»، هل إدارة هذا المول على علم بما يجري في العالم، وبالإجراءات التي تتخذها الحكومة؟ أشك في ذلك!
المصدر: الإمارات اليوم