كاتب سعودي
حين نتحدث عن أسهم الدولة بالسوق السعودي للأسهم نعلم أن أذرعها هي “صندوق الاستثمارات العام – صندوق التقاعد – صندوق التأمينات” ولكي نأخذ الأرقام بدقة أكثر وكما نشرتها جريدة الاقتصادية يوم 20 أغسطس، بلغت الحصص السوقية للصناديق والمؤسسات التابعة للحكومة في الشركات المدرجة بنهاية تداولات أمس الأول، أكثر من 606 مليارات، تشكل نحو 33 في المئة تقريبا من القيمة السوقية للأسهم المصدرة في السوق السعودية، وبنحو 57 في المئة تقريبا من القيمة السوقية لكبار الملاك، وهناك نشرة تنشر يوميا وموضوعة بمواقع تداول عن أي حركة بيع وشراء لكبار الملاك بالسوق لمن يملكون 5% فأكثر، وأيضا الصناديق الحكومية قد تقوم بعمليات مناقلة للأسهم “تنظيمية” كما فعلت التأمينات مؤخراً، وهي ليست عمليات بيع حقيقة، ومن خلال مراقبتي ومتابعتي للسوق السعودي لأكثر من خمسة عشر عاما، لم أجد يوما أن الدولة قد باعت سهما واحدا وتم إعادة الشراء، أو البيع بغرض التسييل حسب ذاكرتي ومعرفتي، فهي مالك أساسي ومستثمر ثابت وحقيقي، بل قد تزيد من الملكية ولا تنقصها، وأستغرب جدا إشاعات تم تداولها مؤخرا عن أن الدولة قد “باعت” أسهماً لكي تتحصل على سيولة نظير ظروف تراجع أسعار النفط!! بالمنطق المالي والاقتصادي والرؤية العامة لا يمكن أن تقوم الدولة بذلك لأن الأساس هي لم تلجأ له بظروف أصعب أيام العجز المالي في التسعينات وعدم وجود احتياطيات ضخمة، فكيف يمكن اللجوء لهذه الخطوة الأن، والدولة تملك احتياطيات ضخمة تتجاوز 2,5 تريليون ريال، ومديونية الدولة لا تتجاوز 4% من الناتج القومي أي لم تتجاوز 100 مليار المديونية مقارنة بناتج يقارب 2,8 تريليون ريال.
العقلانية والمنطق لم تكن حاضرة، لمن يتداول ويروج ويتحدث عن هذه الإشاعات التي لا تعني شيئاً، فالدولة ليست بحاجة لبيع أسهمها، وهذا لا يتم بهذه السهولة وهذه النظرة مقابل أن تحصل على سيولة، فالحصول على سيولة لها أدوات كثيرة ومتعددة وليس بيع أصول كالأسهم، فهناك مثلا إصدار السندات، وهو ما تم والذي أصدر منه لليوم 35 مليار ريال، بتوقع شهري 20 مليار حتى نهاية العام، وسيظل للدولة القدرة على إصدار سندات وتمويل حتى وإن وصلت لأكثر من تريليون ريال وهو ما يشكل أقل من 50% الناتج القومي، ولن تجد دولة في العالم غير مقترضة، وللعلم أكثر دولة مدينة بالنسبة للناتج القومي هي اليابان بنسبة تفوق 250% من الناتج الياباني، وأتفهم الفارق بين الاقتصاد الياباني والسعودي، ولكن لازلنا نملك ثلث إلى ربع احتياطي العالم من النفط العالمي، وأكبر دولة منتجة للنفط بالعالم اليوم، والمستقبل للنفط الأحفوري الأقل تكلفة وضررا على البيئة، نعم نحتاج التنويع بالدخل لكي نكون اقتصادا أكثر مرونة وامتصاصا للصدمات، ولكن لم نصل لمرحلة ما يتداول من نظرة سلبية وسوداء اقتصاديا، الواقع يقول المملكة ضمن دول G20، ووزن المملكة الاقتصادي والنفطي حاضر وقوي، والرهان على المستقبل وقواعده لم تتغير ولن تتغير بسهولة؛ مزيد من الموضوعية والواقعية ستكون موجودة حين ندع الأرقام تتحدث.
المصدر: الرياض أون لاين