استلهمت هيئة تطوير مدينة الرياض تجارب عالمية ناجحة مطبقة في مدينة شنغهاي الصينية وفي العاصمة الفرنسية باريس إضافة إلى طوكيو عاصمة اليابان لتطبيقها في الرياض التي تواجه نمواً سكانياً هائلاً وامتداداً عمرانياً شاسعاً بالقياسات العالمية نتيجة للهجرة المتزايدة إليها.
ونجحت هذه التجارب المطبقة عالمياً والتي يراها خبراء ومهندسو الهيئة العليا لتطويرالرياض الحل الأمثل لتفكيك الاختناق السكاني والعمراني المتزايد الذي تعيشه الرياض، نجحت في مواجهة آثار النمو السكاني الهائل في تلك العواصم وتمركزهم في مواقع معينة في المدينة دون غيرها وذلك عبر إنشاء (مراكز فرعية) للخدمات يتم من خلالها توزيع كافة الأنشطة والخدمات في كافة أنحاء المدينة لتخفيف الكثير من معاناة سكانها في قطع مسافات وأوقات طويلة للوصول لاحتياجاتهم.
وقطعت العاصمة الرياض التي يقطنها حوالي ستة ملايين نسمة خطوات متقدمة في طريق التحول من نظام المركز الأحادي إلى النظام متعدد المراكز والذي يأتي عبر إنشاء هذه المراكز الفرعية بكل قطاع من قطاعات المدينة تتوزع فيها كافة الأنشطة والإدارات الحكومية وغيرها وتضم فروعاً لإمارة المنطقة وللبلدية وللجهات الأمنية والهلال الأحمر والأحوال المدنية والبريد والدفاع المدني والاتصالات والدوائر الشرعية ومراكز صحية ومؤسسات تعليمية ومحطة للنقل العام وفروعاً للبنوك وأسواقاً تجارية وخدمات ترفيهية وغيرها من خدمات ستخفف كثيراً من معاناة سكان العاصمة في قطع مسافات وأوقات طويلة من شمال المدينة الى جنوبها ومن شرقها الى غربها او وسطها للوصول لاحتياجاتهم.
وتتميز المراكز الفرعية في الرياض عن بقية اجزاء المدينة باعتبارها منطقة تطوير خاصة يمثل كل منها نموذج “مركز مدينة متكامل الخدمات” وسيسمح في كل مركز بارتفاعات مطلقة في المباني تميزها عن المناطق المحيطة بها حيث ستكون عند اكتمال تطويرها بيئة عمرانية واقتصادية جاذبة.
وكانت العديد من المدن والعواصم العالمية الكبرى التي تقطنها اعداد كبيرة من السكان مثل الرياض قد طبقت هذه التجربة ونجحت ومنها باريس التي يصل عددسكانها ل10 ملايين نسمة حيث انشيء فيها 6 مراكز فرعية وكذلك في شنغهاي الصينية التي تضم 14 مليون نسمة وتم انشاء 5 مراكز فرعية فيها إضافة إلى طوكيو ذات ال8 ملايين نسمة والتي تم فيها كذلك خلق 6 مراكز فرعية في المدينة شبيهة بما سيتم عمله في العاصمة الرياض لتوزيع الانشطة والخدمات والدوائر الحكومية بمواقع مختلفة فيها للتسهيل على سكانها.
وكانت الهيئة العليا لتطوير الرياض قد خطت خطوات مهمة في هذا الجانب حيث أقرت أواخر شهر ذي الحجة من العام 32ه المخطط الرئيسي (للمركز الفرعي الشرقي) في الرياض الذي يقع على تقاطع طريق الشيخ جابر الأحمد الصباح، مع نهاية طريق الملك عبدالله بمساحة تبلغ مليوني متر مربع، ويضم أكثر من 12.5 ألف وحدة سكنية، وتصل الأدوار فيه إلى 32 دورا، ومن شأن تطوير هذا المركز تحقيق أهداف ”المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض” الذي اعتمد مبدأ التحول في التخطيط المستقبلي للمدينة من النمط الأحادي المركزي، إلى النمط اللاّمركزي، وأقرت الهيئة كذلك في وقت سابق، اختيار مركز الملك عبدالله المالي، ليكون (المركز الفرعي الشمالي) في المدينة.
هذا وكان النمط العمراني الحالي لمدينة الرياض الذي يتصف بأحادية المركز والانتشار الأفقي إذ يتركز التطوير بشكل طولي على ضفتي الطرق الرئيسية التي تربط مركز المدينة بالأحياء السكنية في الأطراف، كان قد أدى إلى مظاهر سلبية عديدة وإشكالات تعاني منها المدينة، يأتي في مقدمتها كثافة الحركة المرورية من وإلى وسط المدينة مع تمركز الأنشطة الاقتصادية والإدارية المختلفة وتباعد الأحياء السكنية عنها، مما يضطر السكان لقطع مسافات كبيرة بين السكن والعمل أو مراكز التسوّق والترفيه في المدينة، حيث تشير الإحصاءات إلى أن سكان مدينة الرياض يقومون بحوالي 5.5ملايين رحلة يومياً، وأصبحت الاختناقات المرورية في أوقات الذروة ظاهرة يومية مألوفة في بعض المناطق وتبع ذلك مظاهر سلبية أخرى تمثلت في ازدياد التلوث الهوائي والضوضائي، إضافة إلى تفاقم الضغط على التجهيزات العامة مثل شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي وغيرها.ويرى المختصون أنه وفي ظل نمو المدينة المستقبلي وتزايد عدد سكانها فإن وسط المدينة ومحاورها الاقتصادية الحالية ستكون غير قادرة على تلبية احتياجات هذا النمو في توفير فرص العمل ومتطلبات الحياة اليومية، فضلاً عن عدم قدرتها على استيعاب متطلبات الرفاهية والراحة لسكان المدينة، وهو مايعطي أهمية كبرى للدور الذي ستلعبه المراكز الفرعية للمدينة حال اكتمالها في إنهاء هذه السلبيات والمظاهر التي تزعج سكان العاصمة.
المصدر: الرياض.نت