رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
قبل أن نقرأ «تأملات في السعادة والإيجابية»، كتاب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الجديد، علينا أن نقرأ ونتأمل شخصية صاحب الكتاب أولاً، فالسعادة والإيجابية هما نهج وأسلوب حياة بالنسبة إليه، وهو أكثر من يبث الطاقة الإيجابية في شعبه وأفراد المجتمع كافة، بل في الوطن العربي والعالم، ليس بالقول والكلمات فقط، بل بكثير من مواقفه، وتحركاته العفوية التي تحركها الفطرة السليمة، وفي مجمل أفعاله اليومية، هناك دروس ورسائل مستمرة، وعِبر وطاقة وسعادة وإيجابية.
بالتأكيد لم تكن خطواته في «سيتي ووك» معدّة سلفاً، ولم يتدخل البروتوكول في رسم مساره وجولته في المنطقة، ولم تتدخل الشرطة والأمن لتأمين المخارج والمداخل كافة، ولم تُغلق الشوارع الداخلية والمُحيطة، بل نزل من سيارته بكل عفوية وتواضع وثقة، وتجول في منطقة مملوءة بالمطاعم والمقاهي والبشر، ووقف أمام إشارة المرور مع الناس ينتظر الضوء الأخضر ليعبر إلى الجهة الثانية، أليس في ذلك قمة الإيجابية والتفاؤل ونشر السعادة بين الناس؟
عندما فكّر في إرسال رسالة نصية هاتفية للشعب الكويتي بأسره ليهنئه بيومه الوطني، في مبادرة لطيفة ألقت بظلالها الإيجابية على مجتمع دولة شقيقة، لم يفعل ذلك لأنه ينتظر سماع مديح وثناء، لكنها فطرته الإيجابية، ومشاعره الصادقة النبيلة، لذلك كانت ردود الفعل صادقة ونبيلة من الأشقاء الكويتيين.
كتاب «تأملات في السعادة والإيجابية» هو في حد ذاته أبلغ مثال على فن وعبقرية محمد بن راشد، في نشر السعادة والإيجابية من غير تكلف ولا تصنّع، بل بأبسط الكلمات وأوقعها على القلب، فسموه حين أهدى كتابه للمسؤولين بمستوياتهم المختلفة، اختار أن يُذيّل الإهداء بكلمات جميلة جداً، تقع في قلب قارئها وقع السحر، قبل أن تقرأها عيناه:
«أهديك كتابي الجديد..
مع تمنياتي بقراءة ممتعة
أخوك محمد بن راشد آل مكتوم»..
في كتابه المختصر في كلماته، والغزير جداً في معانيه وأهدافه، تناول محمد بن راشد مفهومَي السعادة والإيجابية من «زوايا جديدة، وظلال مختلفة»، ويقول سموه في ذلك: «وضعت مجموعة من التأملات الإدارية في السعادة والإيجابية، ومدى تأثيرهما في الإنجاز والإنتاج والإبداع، ودورهما في تعزيز روح الفريق، وكيف يمكن استخدامهما في التخطيط وصنع السياسات، وتطوير الخدمات، وأهميتهما للقائد في صياغة الرؤى والاستراتيجيات، وغيرها لتحقيق النجاحات الإدارية والقيادية».
كلمات ومواقف وخطوات وتحركات الشيخ محمد بن راشد، مملوءة بالدروس والعِبر، وجميعها مُحفّزة ومشجعة، تدعو إلى التفاؤل والإنجاز، وتشحن الروح بطاقة الإيجاب، ليس فقط للمسؤولين والوزراء والمحيطين بسموه، بل لكل صغير وكبير في أنحاء الوطن العربي كافة، فهو أصبح أنموذجاً وأملاً لشباب الأمة العربية، وتأتي أهمية الكتاب الجديد، وكغيره من الكتب التي صدرت عن محمد بن راشد، من كونها جزءاً من مسؤولياته تجاه الأجيال المقبلة، وتجاه أبنائنا صُنّاع مستقبل هذه الدولة، فهو يُقدم لهم المعرفة، ويُعلمهم من تجربته الغنية ما يجعلهم متمرسين في هذه الحياة الصعبة، «فزكاة العلم في تعليمه، ونماء الحكمة في نشرها، وزيادة المعرفة في نقلها ونقدها، وإعمال الفكر حولها»، هذا ما يؤمن به محمد بن راشد.
المصدر: الإمارات اليوم