يُقفل عام 2012 في السعودية حاملاً معه أعباء ومشكلات عدّة ظهرت خلاله أو ورثها من سنوات سابقة، في مقابل تحولات نوعية شهدها على مستوى المواطن والدولة، وسط جدل مستمر حول قرارات ووقائع أحدثت تغييراً ما في الداخل السعودي.
ولا تزال مشكلة البطالة متصدرة الشأن الاجتماعي السعودي، وإن خفتت من حين إلى آخر، لتظهر مجدداً مع ظهور إحصاءات جديدة، كان آخرها إعلان وزير العمل السعودي عادل فقيه وجود 1.7 مليون سعودية عاطلة من العمل، ما أثار «صدمة»، خصوصاً بعد كل ما رافق قرار تأنيث المحال من «ضجة»، أعطت انطباعاً بحجم التأثير على معدل البطالة النسائية.
يأتي ذلك في وقت ظلّت نسب البطالة بين الجنسين تراوح مكانها مع تغيير طفيف، على رغم قرارات وزارة العمل وخططها لإيجاد حلول، بدءاً من برنامج «نطاقات»، الذي أثار جدلاً واسعاً حول جدواه، في ظل حماسة لدى بعض الفئات آمنت بأنه «الحل» لمشكلة توطين الوظائف في القطاع الخاص، إلاّ أن إحصاءات صدرت من مؤسسة التأمينات الاجتماعية أظهرت نتيجة تكاد أن تكون عكسية.
ومن القرارات التي لم يُعرف جدواها على المدى الآني والاستراتيجي برنامج إعانة العاطلين من العمل «حافز» الذي بلغ عمره سنة، من دون أن تظهر له نتائج ملموسة.
وآخر القرارات المثيرة للجدل كان فرض رسوم عمالية على الشركات، أي رفع الرسوم السنوية لـ «بطاقة العمل» من 100 ريال (30 دولاراً تقريباً) إلى 2400 ريال (640 دولاراً)، وهو ما تسبّب في احتجاج رجال الأعمال والتجار، ليخرج اقتصاديون يحذرون من تبعات مثل هذا القرار على الاقتصاد والتضخم وغلاء الأسعار. وبقيت وزارة العمل متمسكة بقرارها، على رغم عدم تطبيقه حتى الآن، بحجّة أنه سيساعد في خفض البطالة وتحقيق خطّط توطين الوظائف.
وبعيداً من الجانب الاقتصادي متمثلاً في أزمة البطالة وتوطين الوظائف التي تعاني السعودية منها منذ نحو عقدين، من دون أن تجد حلولاً جذرية لها، يُظهر الجانب الاجتماعي جانباً مضيئاً، إذ شهدت المرأة مواقف يمكن وصفها بـ «التاريخية» بدخول ثلاث نساء إلى مجلس الشورى للمرة الأولى في تاريخ المملكة. ليس ذلك فحسب، إذ أعلن ديوان المظالم، وهو إحدى الجهات القضائية الأهم في المملكة عن قراره توظيف نساء، وهو أمر كان مستبعداً لعقود، بسبب حساسية دخول المرأة السلك القضائي. كذلك فعل قطاع «الدفاع المدني»، الذي يسعى لتوظيف نساء أيضاً. وعلى المستوى الحقوقي، سمحت وزارة الداخلية لهيئات حقوقية بفتح مكاتب في السجون السعودية لمتابعة ومراقبة أوضاع السجناء وحماية حقوقهم.
وعلى المستوى التعليمي، شهدت المملكة قبل أقل من شهر، أول انتخابات لمجلس طالبي في جامعة. وفي السياق ذاته، برز طلاب سعوديون من مختلف الأجيال والمراحل، بعد أن استطاعوا التفوق على عثرات نظام التعليم العام، وكلاسيكية التعليم العالي في المملكة، ليصنعوا فارقاً في معادلة التفوق العلمي. وبدا التفوق في مجالات علمية مختلفة لافتاً كـ «صرخة شبابية» إلى العالم المتقدم بـ «أنكم لن توسعوا الفارق أكثر».
اجتهد سعوديون وتميزوا، فكانوا حصان الرهان الذي لا يخسر، فحصدوا جوائز لإبداعات واختراعات، في مجالات علمية وتربوية شتى، ليخطوا على سجادة حمراء تخرجهم من «عالم ثالث» اعتاد البقاء في الصف الأخير.
ووسط إنجازات وآمال بحلول لمسائل ما زالت تثير جدلاً، ينتظر السعوديون مطلع 2013 مع أكبر موازنة في تاريخ بلادهم، وتتجاوز قيمتها تريليون ريال (نحو 266 بليون دولار).
المصدر: صحيفة الحياة