كاتب و مدون سعودي
عرفت الشعوب منذ فجر التاريخ بمواصفات تتميز بها عن غيرها، بعضها إيجابي وبعضها الآخر سلبي، فهناك من يصف البريطانيين مثلا بأنهم لا يتمتعون بروح الفكاهة، والفرنسيون بأنهم شعب غير محب للأجانب، كما عرف اليابانيون بأنهم شعب عملي، والهنود بأنهم شعب مكافح.
في عالمنا العربي عملنا على نفي توصيف الغرب لنا بأننا إما إرهابيون أو عنيفون أو مجرد شعوب بدائية غير متحضرة، واصفين ذلك بأنه مبني على نظرتهم المقولبة stereotype، وعملنا بالمقابل على إطلاق الأوصاف المفخمة والإيجابية على أنفسنا لدرجة تصورنا معها أننا أقوى شعوب الأرض وأنجحها وأكثرها تميزا.
هذه النظرة للذات تأتي امتدادا لطبيعتنا المتأصلة بأهمية إعطاء الألقاب والمسميات التي تعبر عن الهوية أو تصف تميز الإنسان، مثل القول في وصف أحدهم بالشيخ الأستاذ الدكتور فلان، أو تزيين الآخر بلقب أمير الشعراء مثلا، أو النسور أو الأسود لذلك الفريق أو ذاك، معتمدين في ذلك على مخيلتنا الشاعرية، وحبنا للكلمة التي تزخر بتلك الشاعرية، والتمجيد وفاء لما عرف به أجدادنا من التفاخر والاعتزاز بالأنا.
في العصر الحديث، تغيرت الأسس التي من خلالها توصف الشعوب، فأصبحت هناك دراسات وآليات قياس للأداء، تعمل على رسم الصورة الحقيقية لواقع الشعوب، ومدى تميزهم وفشلهم في مناحي الحياة المختلفة، فتجد الكثيرين منا يمجد الدراسة التي تصفهم بالتميز، وتهاجم الدراسة التي تصفهم بالتأخر، وفي كلا الحالتين تبقى تلك الدراسات هي الركائز المحايدة الوحيدة التي من خلالها يمكن الحكم على طبيعة مجتمع ومواصفات شعب.
مؤخرا كشفت منظمة الصحة العالمية عن قائمة إحصائية تقول فيها: إن الشعب السعودي احتل المركز الثالث على مستوى العالم بين الدول الأكثر كسلا، حيث حصل على نسبة 68.2%، متصدرا الشعوب العربية كأكثرها كسلا، في حين حل الكويتيون في المرتبة السادسة وبنسبة 64.5%.
يجب ألا ننظر للموضوع بحساسية وننفعل ونعتبر ذلك مؤامرة على المواطن السعودي، وأنها مجرد (نظرة مقولبة)، بل يجب أن ننظر للموضوع من ناحية عملية ونحاول أن نفهم الواقع، فهل “حافز” مثلا أتى ليحل مشكلة البطالة، أم هو مسكّن وقتي مثلا لأزمة مركبة من نظام موارد بشرية وطني غائب، ومواطن يتذمر من كرسيه المريح دون أن يتحرك؟، أم أن هذا الكسل الذي وصفنا به علميا هو نتيجة حالة حقيقية ناتجة عن اليأس وفقدان الرغبة الفردية؟ أم هو نتيجة منهج اتكالي فكري سيطر على الأنا وتحكم فيه دون أن يعي ذلك؟.
المصدر: الوطن أون لاين